للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنقاس. ومقابله معزي إلى رواية الشيخ أبي علي.

ثم هذا – كما ذكرنا – فيما إذا كان الاعتكاف تطوعاً أو منذوراً؛ كما قال الرافعي ولم يشترط التتابع فيه، ثم دخل المعتكف على قصد الوفاء بالنذر أما إذا شرط التتابع أو كانت المدةا لمنذورة متواصلة في نفسها، فسيأتي حكم التجديد فيها، ويحتاج في نية الاعتكاف المنذور تعيين أن ذلك عن نذره.

تنبيه: قول الشيخ: "لا يصح إلا بالنية" يعرفك أنه لا يصح إلا من مسلم؛ لأنه عبادة بدنية لا يتعلق بها حق آدمي، والعبادة إذا كانت كذلك لا تصح من كافر أصلي ولا مرتد؛ إذ نيتهما غير معتبرة.

واحترزنا بقولنا: "لا يتعلق بها حق آدمي" من غسل الذمية تحت المسلم من الحيض؛ فإنه فيه ما تقدم.

وقول الشيخ يعرفك – أيضاً – أنه لا يصح من المجنون وكذا السكران كما دل عليه قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} الآية [النساء:٤٣] أي: مواضع الصلاة. وإنما قلنا: إن كلام الشيخ يدل على ذلك لأن المجنون أو السكران لا قصد له صحيح، فلا تتصور النية منه، نعم إذا سكر بعد أن اعتكف أو ارتد أو قطع النية وهو بعد في المسجد فسنذكره إن شاء الله تعالى.

قال: ولا يصح إلا في المسجد.

اعلم أن الألف واللام في "المسجد" لتعريف الماهية لا للعهد – لأنه [لا] معهود – ولا للاستغراق؛ لأنه غير ممكن وإذا كان كذلك فكأنه قال: ولا يصح إلا في مسجد، وقصد به بيان أمرين:

أحدهما: عدم صحت في غير المساجد، وهي المواضع الموقوفة للصلاة.

والثاني: صحته في أي مسجد كان يدل عليه قوله من بعد: "وأن يكون في الجامع" ووجه ذلك: قوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} الآية [البقرة: ١٨٨] فعمَّ المساجد بالذكر ولا يخلو ذكرها من أحد أمرين؛ إما أن يكون شرطاً في المنع من المباشرة، او شرطاً لصحة الاعتكاف، والأول باطل لأن المعتكف ممنوع منها في المسجد وحال خروجه لقضاء الحاجة ونحوها فتعين أنه شرط لصحة الاعتكاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>