للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً: فإن هذا النهي ليس لمعنى يعود إلى الاعتكاف؛ لأن غير المعتكف لا يجوز له أن يباشر في المسجد؛ فدل على أن المقصود تخصيص الاعتكاف بالمساجد.

[و] لأن الذي فعله صلى الله عليه وسلم إنما كان في المسجد، وكذا ما دل عليه قوله تعالى: {طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ} الآية [البقرة: ١٢٥]؛ لأن الطواف يقع في المسجد الحرام؛ فهو المعني بالبيت وإذا كان كذلك لم يتعده ويؤيده ما روى أبو داود عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا اعتكف] يدني إلي برأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان" وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. وحاجة الإنسان – هاهنا – أريد بها الغائط والبول هكذا فسره الزهري، وهو راوي الحديث.

ووجه الدلالة منه: أنه لم يخرج إلى بيته لأجل الترجيل كما خرج لحاجة الإنسان.

ولأنه لبث بمكان فاختص بموضع مخصوص؛ كالوقوف.

ولا فرق في جوازه في المسجد بين أني كون في جوفه أو على سطخه.

ولا فرق في امتناعه في غير المسجد بين الرجل والمرأة؛ كما نص عليه في عامة كتبه، حكاه أبو الطيب، وهو الجديد.

قال ابن الصباغ: وذكر أبو حامد في "التعليق": أن الشافعي قال في القديم: "وأكره للمرأة أن تعتكف إلا في مسجد بيتها"، أي: الموضع الذي جعلته لصلاتها من بيتها من غير أن يوقف لذلك؛ فإنه لو وقف لكان مسجداً، ووجهه: أنه موضع فضيلة صلاتها المكتوبة فكان موضعاً لاعتكافها؛ كالمسجد في حق الرجل.

والذي أورده الماوردي، وصححه البغوي وغيره: الأول: لأنه قربة شرط فيها المسجد في حق الرجل فكان شرطاً في حق المرأة، كالطواف، وأما الصلاة فغير

<<  <  ج: ص:  >  >>