للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معتبر بها لأنه ليس من شرطها مكان مخصوص؛ لأنها تصح في الطريق، بخلاف الاعتكاف.

وفي "البحر": أن القاضي أبا الطيب قال: لفظ الشافعي في القديم: وأكره للمرأة أن تعتكف في المسجد، وإن كان لا يصح اعتكافها إلا في المسجد، كما كهر لها حضور الجامع لأداء الجمعة، وإن كان لا يجوز لها أن تصلي الجمعة إلا في الجامع. فالمسألة على قول واحد في المرأة، وغلط من قال: فيها قولان.

قلت: لكن لفظ القاضي في "تعليقه" ينفي هذا الغرض؛ حيث قال: لا خلاف في أن الرجل لا يصح اعتكافه إلا في المسجد، وأما المرأة، فالذي نص عليه في عامة كتبه: أنها كالرجل، وقال في القديم: يصح اعتكافها في بيتها. وإليه ذهب أبو حنيفة.

وقد رأيت فيما وقفت عليه من "تعليق" البندنيجي عكس الشهور، وهو أن الأول هو القديم، وان الثاني هو الجديد، ويقرب منه ما رأيته في "تعليق" القاضي الحسين: أن الذي نص عليه الشافعي في عدة مواضع من كتبه: أنها لها أن تعتكف حيث شاءت من مسجد بيتها وغيره، وقال في القديم: أكره لها أن تعتكف في غير مسجد بيتها. وهذا يقتضي أن المسألة على قول واحد، وهو صحته في مسجد بيتها، لكنه قال: ومن الأصحاب من حكى قولاً آخر عن الشافعي: أنه ليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها.

وقد حكى القاضي الحسين والفوراني والمتولي وغيرهم – تفريعاً على جوازه للمرأة في مسجد بيتها – وجهين في جوازه للرجل، وهما معزيان في "البحر" إلى القفال والأصح منهما: المنع؛ لأن الرجل [لا] يستحب في حقه التستر، بخلاف المرأة.

تنبيه: قول الشيخ: "ولا يصح إلا في المسجد" يعرفك أنه لا يصح من الجنب، والحائض، والنفساء؛ لأن المكث فيه محرم عليهم، وهو نفس العبادة. نعم، قد يقال: إذا صححنا اعتكاف المار، يتجه أن يصح اعتكاف الجنب في حال مروره في المسجد فإنه غير محرم عليه. ويجوز أن يقال بالمنع؛ لأن من شرط صحته من المار: أن يكون بحيث لو قصد المقام فيه، لم يمنع منه، والجنب ليس كذلك، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>