والثاني: أنه وجب القضاء بالفساد والفوات؛ فلأن قضاءه ممكن؛ لأن زمان القضاء لا يتعلق به ما يوجب القضاء, وقضاء الدخول يتعلق به ما يتعلق بابتداء الدخول؛ فلم يصح القضاء.
وما ذكر من أن الشرط: الدخول بإحرام كيف فرض, لا إحراماً مقصودًا للدخول – ممنوع, فإن القائل بوجوب القضاء قائل بإنه لو خرج وعاد لعمرة منذورة, لم يقع هذا موقع القضاء, كما قاله الإمام, فإن الدخول من غير إحرام, ألزمه إحراماً؛ كما يلزم الناذر, ويخالف ما إذا دخل بحج الإسلام وعمرته؛ لأنه لا يصح دخوله بغيرهما قبلهما.
أما لو كان الداخل إليهما من الحرم, فلا إحرام عليه قولاً واحدًا, وعنه احترز الشافعي –رضي الله عنه- بقوله في "الإملاء": "وأكره لمن دخل مكة من الحل من أهلها أو [من] غير أهلها –أن يدخلها إلا محرمًا", والداخل إليها من الحل غير زائر ولا تاجر على قسمين:
أحدهما: أن يدخل لحاجة تتكرر كالحطابين, والصيادين, ونحوهم الذين يخلونها في كل يوم –فلا يجب عليهم الإحرام لأجل الدخول –أيضًا- على النص في سائر كتبه؛ لقول ابن عباس, ولما فيه من الضر اللاحق بهم وبالناس؛ لانقطاعهم عن الدخول بسبب ذلك, أو قلته.
وفي "الحاوي" وكتب المراوزة حكاية طريقة أخرى طاردة للقولين فيهم أيضًا, ولم يحك القاضي الحسين غيرها.
وقال في "البحر" عن صاحب "التلخيص": إنه قال: إن قلنا في غيرهم: لا يلزمهم الإحرام, [فهؤلاء أولى, وإلا فوجهان.