للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيه: هل ينزل دخول الحرم منزلة دخول مكة فيما نحن فيه؟ حكى الرافعي عن بعض الشارحين: أنه قال: نعم, والمراد بدخول مكة –فيما نحن فيه-: دخول الحرم.

قال الرافعي: ولا يبعد تخريجه على خلاف سبق في نظائره.

قلت: وكأنه –والله أعلم- يشير إلى ما حكيناه في باب المواقيت من أن المكي إذا أحرم بالحج في الحل, ثم عاد إلى الحرم, هل يسقط عنه الدم؛ كما يسقط عنه إذا عاد إلى مكة, وكذا لو أحرم المكي بالحج من الحرم, هل يجب عليه الدم أم لا؟ والذي صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ والقاضي الحسين [في باب المواقيت: الأول, وقد قال القاضي الحسين [هنا]: إن الشافعي قال في القديم: "ولا يجوز لأحد أن يدخل الحرم من غير خوف إلا محرمًا, إلا الذين يدخلون مختلفين بالحطب ومنافع أهل مكة"؛ وهذا نص في المدعى, وكلام الإمام يوافقه؛ فإنه قال: ولو دخل محرماً بنسك مفروض, سقط عنه حق الحرم.

فإن قيل: قول الشيخ: "ولا يجب في العمر إلا مرة [واحدة] ... " إلى آخره –غير وافٍ بالمقصود من الحصر؛ لأن الحر إذا أحرم بحج أو عمرة تطوعًا, ثم أفسده, وجب عليه القضاء, وكذلك العبد –كما سنذكره- فقد تصور وجوبه في العمر بغير ما ذكره.

فجوابه: أن هذا القضاء بدل ما أفسده, وما أفسده, لم يكن كله واجبًا, بل بعضه؛ لأن الإحرام من جملة أركانه, وهو تطوع, والمدعى: أن الحج والعمرة لا يجبان في العمر إلا بما ذكر, ولفظ "الحج" و"العمرة" يشمل جميع أركانهما.

فإن قلت: الإحرام في القضاء وقع واجبًا؛ فيصدق حينئذ أن جميع الحج

<<  <  ج: ص:  >  >>