والعمرة وقع واجبًا؛ فيبقى السؤال.
قلت: نعم, لكن الإحرام في هذه الحالة وجوبه وجوب الوسائل, وفي الصور التي ذكرها وجوب المقاصد, وهو المراد.
قال: ولا يجب ذلك – أي: الإحرام بحج الإسلام وعمرته, أو المنذور, أو لأجل دخول مكة –إلا على مسلم بالغ عاقل [حر] مستطيع.
أما وجوبه على من اتصف بهذه الصفات؛ فلقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران: ٩٧] , وللخبر المشهور, وهو إجماع.
وأما انتفاء وجوبه عن غير المستطيع بالتفسير الذي سنذكره؛ فلمفهوم الآية والخبر المشهور.
وانتفاء وجوبه عن الكافر وغير المكلف والرقيق, يأتي دليله, إن شاء الله تعالى.
تنبيه: قوله: "ولا يجب ذلك إلا على مسلم" يخرج المرتد, وقد قال من بعد: إنه يجب عليه؛ فكان الأحسن في العبارة أن يقول: يجب الحج على المسلم البالغ العاقل الحر المستطيع, كما فعل [مثل] ذلك في الصلاة.
قال: فأما الكافر الأصلي, فلا يجب عليه؛ كما تقدم تقريره من قبل, ولا يصح منه؛ لأنه عبادة بدنية؛ فلا تصح مع الكفر [كالصلاة].
قال: وأما المرتد؛ فإنه يجب عليه؛ لأنه حق التزمه بالإسلام فلا يسقط بالردة؛ كحقوق الآدميين؛ وهذا يظهر أثره فيما إذا أسلم, ولم يستطع الحج والعمرة إلا في حال الردة؛ فإنه يجب عليه القضاء.
أما إذا كان مستطيعًا قبلها, فما وجب [إلا] على [مسلم] , وقد حكى في "البحر" عن والده فيما إذا كان قد وجد الزاد والراحلة في حال ردته, ثم أسلم ومات في الحال –هل يقضى عنه أم لا؟ فيه قولان؛ بناء على أن الردة تزيل الملك أم لا؟
فإنا قلنا: تزيله, لا يلزمه الحج؛ لأن ملكه زال عن الزاد والراحلة قبل استقرار الحج عليه, وهما شرطان في الوجوب؛ فصار كزوال الملك بالتلف.