وإن قلنا: لا تزيل الملك؛ فيلزمه؛ ولهذا الأصل اختلف القول في زكاة ماله.
ولو لم يسلم, لم يظهر للحكم بوجوبه عليه أثر في الدنيا؛ لأنه لا يقضى من ماله؛ لأنا نقول: لو كان قد حج أو اعتمر قبل الردة, ثم مات على الردة -حبط عمله, فكيف يؤمر به؟! ويخالف الزكاة حيث تقضى؛ لتعلق حق الفقراء بها.
ولا خلاف عندنا: أنه إذا حج قبل الردة, ثم ارتد, ومات مسلمًا -[لا يحبط عمله,] حتى لا يجب عليه القضاء؛ لأن الله -تعالى- علق إحباط عمله بموته وهو كافر, ولم يوجد الشرط.
قال: ولا يصح منه؛ لأنه عبادة. نعم, لو ارتد في أثنائه, فهل يبطل إحرامه؟
فيه وجهان في "تعليق" القاضي أبي الطيب وغيره:
أحدهما: نعم؛ لأن الردة أخرجته عن أن يكون من أهل القرب والطاعات؛ وهذا ما اختاره في "البحر".
والثاني -وهو الصحيح-: لا؛ لأنه لا يبطل بالموت؛ فبالردة أولى.
قال أبو الطيب: وعلة الوجه الأول تبطل -أيضًا- بالمجنون؛ فإنه ليس من أهل القرب والطاعات, وإحرامه لا يبطل بطرآنه, والله أعلم.
قال: وأما المجنون, فلا يجب عليه؛ للخبر المشهور, ولأنه عبادة فلم تجب عليه؛ كالصوم والصلاة, قال: ولا يصح منه.