للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في "التهذيب": لأنه ليس من أهل العبادات.

قيل: وهذا ينتقض بالصبي غير المميز؛ فإنه ليس من أهل العبادات, ويحرم عنه وليه.

وجوابه من وجهين:

أحدهما: أن الصبا في الجملة لا ينافي العبادة, بخلاف الجنون.

والثاني: أن الصبي ليس من اهل العبادة كما قلت, والقياس يقتضي ألا يصح حجه؛ لأنه عبادة, لكن الخبر دل على صحة حجه؛ فعمل به, ولم يرد في حق المجنون ما يخالف القياس؛ ولم يعقل معناه, لا يقاس عليه, والله أعلم.

وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وابن كج والحناطي, وحكاه في "البحر" عن بعض الأصحاب؛ تمسكًا بأن الأب يجوز له أن يزوج ابنه الصغير من غير حاجة, بخلاف المجنون؛ وعلى هذا ينطبق قول البندنيجي والقاضي الحسين في أول كتاب الحج: ولجواز الحج شرطان: الإسلام والعقل.

والذي أورده التولي والبغوي والغزالي: أن حكم المجنون حكم الطفل الذي لا يميز, وهو المرجح في "البحر" أيضًا؛ ولذلك قال الرافعي: إن الصحة المطلقة لها شرط واحد, وهو الإسلام.

وقال القاضي الحسين أثناء الكتاب: إن هذا الحكم فيما إذا بلغ مجنونًا, أما إذا بلغ عاقلًا رشيدًا, ثم جن, فعلى وجهين ينبنيان على أن الولاية تعود إلى الأب أو إلى السلطان؟ وفيها وجهان؛ وهذا منه دليل على أنه لا يرى أن غير الأب والجد يحرم عن الصبي -كما ستعرفه- وإلا لم يكن للبناء وجه, والله أعلم.

قال: وأما الصبي, فلا يجب عليه؛ لما ذكرناه في الكجنون. ويصح [منه]؛ لما روى أبو داود ومسلم عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالروحاء, فلقي ركبًا, فسلم عليهم, فقالوا: من القوم؟ فقالوا: مسلمون, فقالوا: فمن أنتم. فقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>