للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عدم ذلك، فالاعتبار بالتي أحرم منها؛ قاله البندنيجي وغيره.

وقال الماوردي: قال أصحابنا: يجري عليه حكم الدار التي خرج منها.

تنبيه المتبادر إلى الفهم من أهل الحرم ومن كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة: أنهم المستوطنون ذلك، دون المقيمين [فيه] والمسافرين الحاصلين فيه، وهو ما ذكره الفوراني، وكذا القاضي الحسين؛ فإنه قال: العبرة فيهم بالاستيطان والسكنى، دون المنشأ. وهذا ما أفهمه كلام القاضي أبي الطيب والماوردي، وعليه يدل ظاهر الآية؛ فإن أهل الشخص إنما [يكونون في] موضع استيطانه.

وفرَّع القاضي الحسين على ذلك: أن شخصاً لو كان مستوطناً مكة؛ أو قريباً منها، فسافر، فلما عاد أحرم بالعمرة من الميقات، فاعتمر، ثم حج من باب داره - لم يكن متمتعاً يلزمه الدم.

وقال في "الوسيط": حاضرو المسجد الحرام: من [كان] بينه وبين مكة ما دون مسافة القصر، سواء كان مستوطناً أو مسافراً. وهذا يكون فيمن كان بمكة من طريق الأولى، لكنه قال عقيب ذلك: إن الآفاقى إذا جاوز الميقات غير مريد نسكاً، فلما دخل مكة عنَّ له أن يعتمر، ثم يحج - لم يلزمه الدم، وإن عنَّ له ذلك قبل دخول مكة على أقل من مسافة القصر، فأحرم بالعمرة من موضعه، ثم حج في تلك السنة - ففيه وجهان حكاهما الإمام - أيضاً-:

أحدهما: لا يلزمه؛ كما لو كان وطنه ذلك الموضع.

والثاني: يلزمه [ذلك] وهو الذي مال إليه الإمام، وصححه الرافعي، وقال الغزالي في توجيهه: إن اسم "الحاضر" لا يتناوله إلا إذا كان [فى] نفس مكة أو كان مستوطناً حواليها.

وهذا يقتضي عدم اعتبار التوطن فيمن هو بمكة، واعتباره فيمن هو حواليْها، وهو مخالف لصدر كلامه، وإذا صح ما ذكره حصل في المسألة ثلاثة أوجه.

وقد علل في "الوجيز" عدم إيجاب الدم عليه فيما إذا عن له الإحرام بالعمرة [بعد دخول] مكة: بأنه صار من الحاضرين؛ إذ ليس يشترط فيه قصد الإقامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>