قال: وحاضرو المسجد الحرام: أهل الحرم؛ لأن كل موضع ذكر الله - سبحانه وتعالى- فيه: المسجد الحرام، أراد به: الحرم.
قال الماوردي: إلا قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٤٤]، فإنه أراد به الكعبة، وكان إلحاق هذا بالأغلب أولى، مع أن هذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في غيره.
قال: ومن كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة؛ لأن من قرب من الشيء ودنا منه، كان حاضراً إياه، قال تعالى:{وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ}[الأعراف: ١]، قال أهل التفسير: هي أيلة، ومعلوم أنها ليست في البحر، وإنما هى مقاربة له، ويقال: فلان حفم فلاناً، إذا دنا منه، ومن كان مسكنه دون مسافة القصر، فهو قريب نازل منزلة المقيم في نفس الحرم، [ولأجل هذا] لا يجوز للخارج إليه الترخص بالقصر والفطر ونحوهما.
وفي "تعليق" القاضي الحسين "والبحر" وغيرهما حكاية وجه: أن ما دون مسافة القصر يعتبر من نفس مكة، لا من الحرم، وهو ما حكاه الإمام عن الشافعي، رضي الله عنه.
وقال ابن التلمساني: إن الغزالي حكى وجهاً: أن حاضري المسجد الحرام أهل الحرم خاصة، قال: يعني: أهل مكة دون من عداهم؛ كمذهب مالك. لكن المحكي عن مالك: أنهم أهل مكة وذو طوى.
قال أبو الطيب: وهو يوافق قول ابن عباس وسعيد بن جبير: إنهم أهل الحرم؛ لأنه ليس في الحرم قرية عامرة غير مكة إلا ذا طوى.
والمشهور: ما ذكره الشيخ، وعليه يتفرع ما لو كان للشخص داران: إحداهما فيما دون مسافة القصر، والأخرى في مسافة القصر، فإن كان مقامه في إحداهما أكثر، فالاعتبار بها؛ وإن استوى مقامه فيهما، فالاعتبار بالتي ماله فيها أو بالتي أكثر، ماله فيها؛ وإن استوى ماله فيهما، فالاعتبار بالتي عزم على الإقامة فيها بعد الفراغ؛ فإن