للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجزأته؛ لأن المسافر جوز له تأخير الصوم، ولو صام في السفر جاز؛ كذلك هذا. قال القاضى: وهذا لا يقوى؛ لأن وقت صوم رمضان قد دخل بإهلال الهلال غير أنه رخص للمسافر في الفطر؛ لما يلحقه من المشقة، فإذا صامه فقد صام في الوقت، ولا كذلك هاهنا؛ فإذ الوقت إنما يدخل بوصوله إلى الوطن.

وإن قلنا بالقول الذي نص عليه في "الإملاء" - أما على تفسير البغداديين أو البصريين - فلو صام قبل ذلك لم يجزئه، وهل يستحب له تأخير الصوم إلى أن يرجع إلى الوطن؟ فيه قولان حكاهما العراقيون والقاضي الحسين:

أحدهما: لا؛ لأن فعل العبادة في أول وقت وجوبها أحوط لبراءة الذمة، وهذا [ما] أورده الماوردي وقال: إنه يكون مسيئاً بالتأخير، [وعلى هذا فيطلب الفرق يين هذه المسألة، وبين [تأخير]] ذبح الدم إلى يوم النحر.

وأصحهما: نعم؛ خروجاً عن الخلاف. قال القاضي الحسين: وعلى هذا هل يكون التأخير ليرجع إلى أهله، فيصوم إذ ذاك عذراً؛ حتى إذا مات قبل [ذلك] لا يجب في تركته شيء أو لا؟ فيه وجهان؛ بناء على ما إذا أخر دفع الزكاة إلى المساكين ليدفعها إلى الإمام، فلم يتفق الدفع إلى الإمام حتى تلف المال، هل يضمن؟ فيه وجهان، [وجه المنع:] أنه فعل [ما ندبناه إليه؛ فلا يضمن ما تولد منه.

قلت: ويظهر مجيء الوجهين فيما إذا أخر ذبح الدم ليوم النحر].

وعلى القولين: لو أراد أن يوقع بعض الأيام السبعة في أيام التشريق، لم يجز وإن حكمنا بأنها قابلة للصوم: [أما على القول الصحيح فظاهر]، وأما على القول الذي نص عليه في "الإملاء"؛ فلأنه بعد في أفعال الحج وإن حصل التحلل، وهذا ما أورده الرافعي، وحكاه الإمام عن شيخه، وأنه وجهه بأنه لا يصح [من الحاج الإحرام] بالعمرة ما دام عاكفاً على مناسك [منى].

<<  <  ج: ص:  >  >>