ووجهه [أنه] عليه السلام جعل البيت على يساره حين طاف، ومشى على يمينه فحمل ما أجمله الله تعالى بقوله:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩] على بيانه صلى الله عليه وسلم؛ عملاً يقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]؛ وهذا من أركان الطواف على المشهور، فلو جعله عن يمينه، وطاف موجها وجهه إلى جهة الركن اليماني، وهكذا إلى أن أتى الموضع الذي بدأ منه - ويسمى: الطواف المنكس لم يعتد به؛ نص عليه الشافعي وأصحابه - رضي الله عنهم - موجهين له بقوله - عليه السلام-: "خذوا عني مناسككم".
ولأنه عبادة تفتقر إلى البيت؛ فوجب أن يكون الترتيب شرطاً فى صحتها كالصلاة.
وقد وافق على ذلك القاضي الحسين والفورانى، لكنهما جزما القول بأنه لو جعل البيت على يمينه، ورجع القهقرى، ومَرَّ على الباب إلى أن انتهى إلى المكان الذي بدأ منه، كره وأجزأه، وإليه يرشد قول الإمام - حكاية عن شيخه: إنه كان يقول: "لو استقبل القبلة بصدره، وكان يستدبر على الجهة المرسومة عرضاً، فللقفال تردد فيه.
وربما كان يقول: "إذا دار على الصوب مقابلة [أو مدابرة] أو على شق؛ حسب طوافه، وكره.
قال الإمام: والأصح الأول، ولا وجه لغيره عندي، وتبعه في التصحيح فيما إذا طاف منكساً الرافعي، وقال: إن عدم الصحة هو الموافق لعبارة الأكثرين، وأن القياس جريان هذا الخلاف فيما لو مَرَّ معترضاً مستدبراً.