فرع: لو أراد من هو بمكة القرآن، فمن أي موضع يحرم؟ فيه وجهان في "تعليق القاضي الحسين":
أحدهما: من أدنى الحل؛ لأنه يريد النسكين، وهو اختيار القفال.
والثاني- وهو الأصح عند القاضي الحسين والبغوي-: من جوف مكة؛ لأن العمرة تتبع الحج في القرآن؛ فتبعته في مكان الإحرام.
ولا خلاف عندنا في أنه إذا جاوز الميقات وهو يريد الحج والعمرة، ثم أحرم بالحج، ثم اعتمر من أقرب الحل: أنه يجوز، ولا دم عليه؛ لأجل إحرامه من أدنى الحل؛ كما لو لم يرد العمرة؛ قاله في "البحر".
قال: والأفضل أن يحرم من التنعيم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مع عائشة عبد الرحمن ابن أبي بكر في عام حجة الوداع، وأمرها أن تعتمر من التنعيم؛ كما أخرجه البخاري ومسلم [وغيرهما في حديث طويل.
وأخرج مسلم] عن جابر في حديث آخر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"فاذهب بها يا عبد الرحمن، فأعمرها من التنعيم"، وذلك ليلة الحَصْبَة.
وقال النواوي: مذهب الشافعي- رضي الله عنه- أن أفضل جهات الحل لإحرام العمرة: أن يحرم من الجعرانة، ثم بعدها التنعيم، ثم الحديبية، وهو المذكور في "تعليق" [القاضي أبي الطيب، والحسين، والبندنيجي، و"الحاوي"، و"الشامل"، و"الإبانة"، و"النهاية".
قال] القاضي الحسين وتبعه البغنوي وغيره: لم يَبْنِ الشافعي- رضي الله عنه- هذا على القرب والبعد؛ لأن الحديبية أبعد الأماكن، وإنما قدم فعله- عليه السلام- ثم أمره، ثم همه.
وأشاروا بالفعل إلى ما روي أنه- عليه السلام- أحرم بالعمرة من الجعرانة،