و [أشاروا] بالأمر: إلى أمره - صلى الله عليه وسلم - عائشة بأن تحرم من التنعيم؛ كما تقدم.
و [أشاروا] بالهم: إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - هم بأن يحرم بالعمرة من الحديبية في سنة ست من الخهجرة، ويدخل مكة، فَصُدَّ، وهذا فيه منازعة من وجهين:
أحدهما: أن البندنيجي قال: أبعد الحل إلى الحرم الجعرانة، وهو الذي ذكره في "البحر".
وقال الرافعي: إن الجعرانة على ستة فراسخ من مكة، والحديبية كذلك، وهذا يؤذن بالتساوي.
الثاني: أن مسلماً روى أنه- عليه السلام- أحرم من الحديبية بعمرة أو زَمَنَها.
وقد قال الشافعي- رضي الله عنه- كما سنذكره:"إنه لا خلاف بين أهل التفسير أن قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} الآية [البقرة: ١٩٦] نزلت بالحديبية حين أحصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحال المشركون بينه وبين البيت، فنحر، ثم حلق"؛ وهذا صريح في أنه أحرم منها إن لم تكن العمرة التي همَّ بها غير هذه العمرة، وهو الظاهر.
وإذا كان كذلك فما قدم الشافعي أمره - صلى الله عليه وسلم - على همه، وإنما قدمه على فعله، وحينئذٍ فيقال: