فإن قلت: قد نقل البخاري في صحيحه: أنه- عليه السلام- وأصحابه كانوا [قد] أحرموا بالحج، فأمروا أن يفسخوه بعمرة، فقالوا: يا رسول الله، هذه لنا خاصة، أم للناس عامة؟ فقال:"بل لكم خاصة"؛ وهذا معارض لما رواه الشافعي.
قيل: وجه الجمع [أنه يحتمل] أن يكون- عليه السلام- أمر بعض أصحابه لا جميعهم بالفسخ، فإن جابراً روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الركب الذين كانوا معه بالفسخ، ولم يأمر الباقين بالفسخ، بل أمر من كان ساق معه الهدي: أن يجعلها حجة، ومن لم يكن ساق الهدي: أن يجعلها عمرة؛ فنقل الشافعي إحدى القضيتين، ونقل البخاري الأخرى.
قال أبو الطيب: ووجه آخر: وهو أنه يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه جميعاً أحرموا إحراماً مطلقاً، وأن جبريل- عليه السلام- أمره أن يصرف إحرامه إلى الحج، ويأمر بذلك أصحابه، ففعلوا.
ونقل الشافعي هذا القدر من الخبر.
ثم أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفسخوا حجهم بعمرة، وقصد بذلك خلاف المشركين [في قولهم:] إن العمرة في أشهر الحج [من] أفجر الفجور، وكان الفسخ آكد في باب البيان.