قضية هذا القياس: أن يجبر الحلق بالدم على هذا القول؛ كالرمي، وهو الذي يدل عليه قول الشيخ من بعد ومن ترك واجباً، لزمه دم.
لكن القاضي أبا الطيب قال عند الكلام في السعي: إنه لا يجبر بالدم، وهو ينطبق على ما حكيناه عن الإمام من قبل أنه يكون على هذا القول ركناً، وادعى وفاق الأصحاب عليه، لكنا قلنا: إن في كلام غيره خلافه.
وعلى هذا فالفرق بينه وبين الرمي [أن الرمي له] وقت محدود الانتهاء كالابتداء، فإذا فات لم يأت به إلا بأمر جديد، ولم يوجد.
والحلق لا آخر لوقته محدوداً، فهو متمكن من إيقاعه في كل وقت؛ فلا جرم وجب عليه الإتيان به، ولم يجبر بالدم؛ كالطواف.
والقول الثاني: الذي أشار إليه الشيخ هنا: أن الحلق استباحة محظور، وقد تقدم دليله.
قال: وطواف الوداع في أحد القولين [أي:] لمن أراد المسير- كما تقدم لقوله عليه السلام- في حديث ابن عباس السابق:"لا ينفرن أحد حتى يكون [آخر] عهده الطواف بالبيت" أو "آخر عهده بالبيت"، وهذا أمر، [وظاهر الأمر] الوجوب.
وأيضاً: فقد روي أنه- عليه السلام- رخص للحائض في تركه، ولو لم يكن واجباً لما رخص فيه؛ وهذا ما نص عليه في القديم و"الأم"؛ كما قال القاضي أبو الطيب، وهو الصحيح عند ابن التلمساني.
ومقابله: أنه غير واجب، لأنه لو كان واجباً، لم يجز للحائض تركه كطواف الإفاضة.
ولأنه طواف غير حابس، أو غير مشروط في الحج، أو لا يجب على الحائض- فلم يكن واجباً؛ كطواف القدوم؛ وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب عن نصه في "الإملاء"، ورجحه، وقال: إن حديث ابن عباس نحمله على الاستحباب؛ بدليل ما ذكرناه.
والقائلون [بالأول] فرقوا بينه وبين طواف القدوم بأن ذلك شرع تحية للبقعة، وليس مقصوداً في نفسه، وكذلك [يدخل في طواف العمرة، وإذا كان تحية، كان كتحية