وكلام الرافعي عند الكلام في الاستئجار على الحج يقتضي الجزم بالمنع من البناء؛ فإنه قال: الحاج لنفسه إذا مات في أثناء الحج، هل يجوز البناء على حجه؟ فيه قولان:
الجديد الصحيح: المنع لأنها عبادة يفسد أولها بفساد آخرها؛ فأشبهت الصوم، والصلاة.
ولأنه لو أحصر، فتحلل، فزال الحصر، فأراد البناء عليه لا يجوز، وإذا لم يجز له البناء على فعل نفسه، فأولى ألا يجوز لغيره البناء على فعله.
ثم إذا قلنا بجواز البناء، فلم يبن، ولم يعد مع إمكانه ففي القضاء وجهان، حكاهما الإمام.
أحدهما: لا قضاء؛ فإن الحج كان تطوعاً، وقد تحلل.
والثاني: نعم؛ فإن المتمكن من البناء إذا قصر منتسب إلى ترك الممكن.
قال: وقد يتجه أن يقول: هل يجب عليه البناء أم لا؟
أخذاً مما ذكرناه.
واعلم أنه يستثنى مما قاله الشيخ صورتان:
أحدهما: ما إذا كان قد أحرم بحج أو عمرة تطوعاً، ثم أفسدها بالجماع، ثم أحصر؛ فإنه يجوز [له] أن يتحلل.
قال الأصحاب: ويجب عليه بدنة للإفساد بكل حال، ثم إن تحلل لزمه مع ذلك شاة للفوات؛ فيكون عليه ثلاثة دماء، ولا يجب عليه سوى قضاء حجة واحدة.
قلت: وكان يتجه أن يقال فيما إذا أفسد الحج قبل الوقوف، وأحصر عن إتمامه، وتحلل أن يكون في وجوب الكفارة خلاف مبني على أصلين:
أحدهما: أنه هل يجوز له البناء إذا تحلل، ثم زال الحصر أم لا؟