وأيضاً: فقد روي عن ابن عمر وابن عباس أنهما قالا: لا قضاء على المحصر، ولا يعرف لهما مخالف.
ولأنه عبادة يجوز التحلل منها مع صلاح الوقت، فلم يجب قضاؤها للدخول فيها، أصله: إذا دخل في الصوم يعتقد وجوبه ثم تبين أنه غير واجب فإنه إذا أفطر لا يجب عليه القضاء، وقد وافق على ذلك الخصم، وهو أبو حنيفة.
أما إذا كان ما أحرم به لازماً: كفرض الإسلام المستقر في الذمة، والمنذور، وغيرهما- أتى به، ولا يكون قضاء؛ لأن ما تحلل عنه لم يسقط ما كان عليه؛ فبقي ما كان على ما كان.
قال: وفيه قول آخر: أنه يلزمه القضاء إذا لم يكن الحصر عاماً؛ لأنه تحلل من العبادة قبل وقتها بسبب خاص؛ فأشبه ما لو أضل الطريق حتى فاته الحج.
والفرق على الأول [أنه] منسوب إلى التفريط فيما إذا أضل الطريق، وليس منه هنا تفريط.
فرع: إذا تحلل بالإحصار، والوقت باقٍ، ثم انكشف العدو، فهل له البناء على ما مضى؟ فيه قولان حكاهما الفوراني، والرافعي، وقال: إن القديم الجواز، والجديد: المنع.
ويقربه منه قول ابن الصباغ:
إن الشيخ أبا حامد قال في التعليق: إنا إن قلنا بقوله القديم: إنه إذا مات قبل كمال الأفعال، جاز البناء، فهاهنا إن أمكنه أن يستاجر من يكمل عنه ما بقي من حجه أجزأه، ولأجله قال البندنيجي، وصاحب "البحر": إنه إذا أحصر بعد الوقوف، وأمكنه أن