وعن القفال: أن في ذبيحة المجنون قولين، وذبيحة السكران تحل قولاً واحداً.
ثم ما محل الخلاف الذي ذكره البغوي؟ إن محله إذا لم يكن لهما تمييز، فإن كان حلَّ، ولم يحك سواه.
وقال الإمام: إن المجنون إذا لم يكن له تمييز، فلا يحل، وإن كان له تمييز بحيث يتصور منه نظم الفعل، ففيه الخلاف السابق، ولعل الأصح المنع أيضاً.
ويقرب منه قول الفوراني، لكنه قال: الأصح الحل.
وقال في "البحر": وقيل الصحيح في المجنون إن كان له تمييز قليل، ويحسن إيراد الفعل وإصداره- تجوز ذبيحته؛ كالصبي الذي يعقل [عقل] مثله، وإن لم يكن له تمييز أصلاً، ولا يحسن الفعل؛ لمبالغة جنونه- لم يجز كالطفل. [قال:] ويحتمل التفصيل في السكران على هذا الوجه، وهذا منه مشعر بأن الخلاف السابق في المجنون والسكران جارٍ، سواء كان له تمييز أو لا.
تنبيه: كلام الشيخ يفهم أن ذكاة المرأة جائزة من غير كراهة، وكذلك ذكاة الصبي والكتابي والأعمى والأخرس؛ لأنه لما ذكر من لا تحل ذكاته [ومن تكره] دل على حل ذكاة من عداهم من غير كراهة، وهذا في المرأة مما لا شك فيه، وقد استدل الأصحاب على حل ذكاتها بما رواه الشافعي- رضي الله عنه- مسنداً، وهو في البخاري: أن جارية لآل كعب كانت ترعى غنماً لهم، فمرضت منها شاة، فكسرت مروة وذبحتها، فسأل مولاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجاز لهم أكلها.