دلَّ عليه ظاهر النص كما سنذكره، وبه جزم القاضي الحسين في كتاب الأضحية- الأول وإن كان لا قصد له، وفرق بينه وبين المجنون على أحد القولين بأن الصبي من أهل القرية، بخلاف المجنون، وكذلك فرق بينهما في الحج.
وجزم في "البحر" عند الكلام في الأحبولة بأن الصبي الطفل الذي لا تتأتى منه إرادة الفعل، ولكن اتفق أنه أمر السكين على الحلق، فحصل به الذبح- لم يحل.
والمذكور في الرافعي التسوية بين الصبي الذي لا تمييز له والمجنون والسكران، وإجراء القولين في الجميع، وسلك الإمام طريقاً آخر في هذا الباب، فقال: إن لم يكن له تمييز، فلا حكم لفعله، وذلك ميتة، وإن كان مراهقاً فالأصل تحليل ذبحه.
وفي بعض التصانيف ذكر خلاف فيه، ويمكن تقريبه من الخلاف في أن عمده عمد أم لا؟
وإذا قلنا: تحل ذكاته، فقد جزم الماوردي بكراهتها في الضحايا وغيرها؛ لضعفه عن مباشرة الذبح، ولقصوره عن التكليف، وهي في غير المراهق أشد.
وأما الكتابي، فقد قال الماوردي: إن ذبيحة الصبي أحب إلينا من ذبيحته، وهذا يدل على أنها مكروهة- أيضاً- لكن قد حكى البندنيجي وابن الصباغ عن الشافعي- رضي الله عنه- أنه قال في "الأم": "وأحب أن يكون المذكي بالغاً مسلماً فقيهاً"، أي: بأحكام الذبح؛ لأنه أعرف بحكم الذبح، فإن لم يكن رجلاً فالنساء، فإن لم يكن فالصبيان، فإن لم يكن فأهل الكتاب، فإن لم يكن فالمغلوب على عقله من المسلمين؛ وهذا يدل على أن المراد بالكراهة ترك الأولى.
وأما الأعمى فقد أطلق صاحب "البحر" القول بكراهة ذبحه وإن حلت؛ خوفاً من أن يخطئ محل الذبح، وهو ما ذكره في "التهذيب".
وأما الأخرس، فقد أطلق العراقيون حل ذكاته، وقال القاضي الحسين وتبعه البغوي: إن ذلك فيما إذا كانت له إشارة مفهمة، فإن لم يكن فهو كالمجنون.
قال النواوي في "الروضة": والأصح الجزم بحل ذبيحته وإن كان لا يفهم، وبه قطع الأكثرون.
[قال:] ويجوز الذبح بكل ما له حد يقطع، أي: من حديد ونحاس وصفر