وفي "تعليق القاضي الحسين" و"النهاية": أن شرط الانكفاف عن الأكل معتبر في الجوارح من الكلاب، وفي اعتباره في جوارح الطيور قولان، وهما منسوبان إلى رواية الصيدلاني وغيره:
أحدهما: الاشتراط، وهو الأظهر.
والثاني: لا؛ فإن الكلب إنما ينكف عن الأكل عن فريسته بالضرب والدق العنيف، وجوارح الطير لا تحتمل ذلك، ولا يتوصل إلى صرفها عن الأكل من غير زجر، بل قيل سبيل تعليمها بالإطماع في الطعام.
وفي الرافعي: أن أبا يعقوب الأبيوردي حكى قولاً مثله في جوارح السباع، وأن في كتاب ابن كج نحواً منه.
وقد استبعد الإمام وقوع تعليم الفهد والنمر؛ من حيث إنه لا يؤثر فيه الانطباع، ولا ينزجر إذا زجر، ولا يتوقف استشلاؤه على الإشلاء، ولا يترك الأكل، ولا يتأتى صرفه على ذلك؛ فإنه لو صرف لعاد إلى نفوره، نعم: لو [تصور] ذلك منه [على] ندور كان حكمه حكم الكلب فيما ذكرناه، وحيث لا يتصور، فمقصود صاحبه بإرساله على الصيد أن يمسكه، لعله يدرك ذكاته؛ فيحل له إذ ذاك، كما نقول في الكلب الذي ليس بمعلم.
وقد جزم في "الوجيز" بأن فريسة الفهد والنمر حرام؛ لأنه لا يتأدب ويترك الأكل.
قال الرافعي: ومضمون هذا أن ما يفعله الفهد والنمر حرام؛ لأنه لا يصير معلماً؛ لأن أحد أركان التعليم ترك الأكل، ولكنه لا يتركه، لكن هذا المفهوم خلاف ما نص عليه الشافعي- رضي الله عنه- والأصحاب، وأراد بالنص: ما حكاه في"المختصر"؛ فإنه قال:"يجوز بكل معلم من كلب [و] فهد ونمر وغيرها من الوحوش، وكان [بحيث] إذا أشلى استشلى، وإذا أخذ حبس ولم يأكل، فإذا فعل هذا مرة بعد مرة فهو معلم".
الأمر الثاني: أنه لا فرق في اشتراط إتيان الجارح عند إشلائه بين أن يكون في