للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتداء إطلاقه، أو في دوامه بعد اجتذابه في جريه وطيرانه؛ لأن به يظهر أثر التعليم كما هو ظاهر النص.

وقد فصل الإمام، فقال: أما اشتراط ذلك في الكلب ونحوه في ابتداء الأمر، فلا شك فيه؛ وأما اعتباره بعد الإطلاق وهو في حموة العدو، فصعب، والمتحصل فيه من كلام الأصحاب وجهان، وأما اشتراطه في الطيور بعد الطيران، فلا مطمع فيه، ويبعد – أيضاً- أن يشترط انكفافها في أول الأمر وقد سنح لها الصيد وهي جائعة.

الأمر الثالث: اعتبار الإرسال ممن يريد الصيد، حتى لو استرسل الجارح بنفسه، لم يحل ما قتله، وهذا مما لا خلاف فيه بين الأصحاب؛ لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]؛ فلم يحلل ما أمسكه على نفسه.

وقوله- عليه السلام- لعدي بن حاتم: "إذا أرسلت كلبك المعلم، فكل ما أمسك عليك"، فشرط في ذلك الإرسال؛ لأن "إذا" من حروف الشرط؛ فدلَّ على أن الإرسال شرط، وهو مأخوذ من قول الشافعي- رضي الله عنه- في "المبسوط": "وتعليم الطائر كله واحد، البازي والصقر والشاهين والعقاب وغيرها، وهي أجمع أن تدعى فتجيب، وتشلى فتطير، وتأخذ فتحبس، فإذا فعلت ذلك مرة بعد مرة فهي معلمة"، فاستعمل لفظ "الإشلاء" في الإغراء، وهو الإرسال، وقد اعترض عليه بأن الإشلاء في اللغة: الدعاء؛ قال الشاعر: [من الرجز].

أشليت ععنزي ومسحت قعبي

وأجيب عنه بأجوبة:

أحدها: أن العامة تستعمل الإشلاء موضع الإغراء؛ فأجراه على عادتهم.

والثاني: أخذ من قول الأزهري: إن أشلى: إذا دعى؛ فإذا دعاه صاحبه إلى صيده، فقد أشلاه.

والثالث: أن قول الشافعي في اللغة حجة؛ لأنه عربي الدار من أهل اللسان، فإذا عبر عن الإغراء بالإشلاء، وجب قبوله، وهذا أحد جوابي الشيخ أبي حامد.

وقد نقل الماوردي وأبو الطيب: أنه من الأضداد؛ يشمل الأمرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>