ونقل ابن فارس: أن استعماله في الإغراء لغة أخرى، وإن كانت الأولى أفصح، وأنشد فيه [من الطويل]:
أتينا أبا عمرو فأشلى كلابه علينا فكدنا بين بيتيه نؤكل
والرابع- وهو الجواب الثاني لأبي حامد-: أنه عبر عنه بما يئول إليه؛ لأنه إذا دعاه إلى الصيد، وأجاب، حصل الإغراء بعد الإجابة؛ فلذلك عبر عن الإغراء بالإشلاء، والله أعلم.
نعم: لو استرسل الجارح بنفسه، فزجره صاحبه، فوقف، ثم أغراه على الصيد، فطلبه وقتله- حل.
وإن زجره، فلم ينزجر، فأغراه بالصيد، فزاد في العدو، وقتل الصيد، فهل يحل؟ فيه وجهان لهما التفات- كما قال الإمام- على أن الانزجار في ابتداء العدو هل يعتبر في أصل التعليم؟ والأظهر التحريم.
ولو لم يزجره، لكنه أغراه؛ فازداد عدواً وحمواً، فوجهان مرتبان على التي قبلها، وأولى بالحل، والذي أورده العراقيون منهما التحريم، وهو في الأولى من طريق الأولى، ووجهه: أن استرساله بنفسه يقتضي التحريم، وإغراء صاحبه يقتضي الإباحة؛ فغلب جانب التحريم.
وإذا جمعت بين هذه المسألة والتي قبلها، جاء فيها ثلاثة أوجه. وعلى الأولين منهما فروع:
أحدها: لو أرسل شخص جارحته، فأغراها غيره فازدادت عدواً، وأخذت الصيد، فلمن يكون ذلك؟ ينبني على أنه إذا غصب جارحة، واصطاد بها، فلمن يكون الصيد؟ فيه خلاف، والأصح في "التهذيب": أنه للمالك؛ كما لو اصطاد عبده المغصوب شيئاً؛ فإنه له.
والأصح في غيره- ولم يورد العراقيون سواه-: أنه للغاصب؛ كما إذا اصطاد بالشبكة المغصوبة؛ وعلى هذا يقع التفريع مع ملاحظة الخلاف السابق في الأصل:
فإن قلنا ثم بالتحريم، كان الصيد في حالة إغراء الغاصب وزيادة عدو الجارحة للمالك.