للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من خصهما بالجارح، وقطع بالحل في رمي السهم؛ تنزيلاً له منزلة الذبح بالسكين.

وقد اقتصر ابن الصباغ على حكايتهما في صيد المجنون، ونسب عدم الحل إلى أبي إسحاق.

وإذا عرفت حكم المجنون، عرفت حكم السكران؛ لأن الشيخ سوى بينهما في الذكاة، والله أعلم.

قال: وإن أرسله مجوسي، أو شارك المسلم في الإرسال، أو شارك الجارح جارحة أرسلها مجوسي في قتل الصيد- لم يحل؛ لأن المرسل كالذابح، والجارح كالسكين، وذكاة المجوسي التي انفرد بها أو شارك فيها- لا تحل؛ نظراً لتغليب التحريم على التحليل؛ كما في المتولد بين مأكول وغيره، وعن هذا احترز الشيخ بقوله: "من هو من أهل الذكاة".

ويجيء فيه الوجه المذكور في حل ذبيحته.

والحكم فيما لو شاركه من تحل ذكاته بجارحة غير معلمة أو بجارحة لا يعلم حالها [كذلك]؛ لقوله- عليه السلام- لعدي بن حاتم: "فكل ما أمسكن عليك"، قال: وإن قتلن؟ قال: "وإن قتلن؛ ما لم يشركها كلب ليس منها".

وفي مسلم عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل، فلا تأكل؛ لأنك لا تدري أيهما قتله".

ولا فرق في ذلك بين أن تكون الجارحة المشاركة لجارحة المرسل من نوعها أو من غيره، كما إذا أرسل أحدهما كلباً والآخر فهداً أو بازاً؛ وكذا لو أرسل أحدهما جارحته والآخر سهماً، أما لو لم يقتل الصيد عند إرسال كل من المسلم والمجوسي جارحته إلا إحدى الجارحتين، نظر: فإن كان القاتل جارحة المجوسي، حرم، وإن كان جارحة المسلم نظر: فإن كانت الجارحتان قد أمسكتا الصيد أولاً، لم يحل أيضاً؛ لحدوث القتل عن الإمساك المشترك، وإن لم تمسكه جارحة المجوسي حل؛ قاله الماوردي وهذا بخلاف ما لو رده كلب المجوسي على كلب المسلم، فقتله

<<  <  ج: ص:  >  >>