وقال الرافعي: الأشبه تخصيصه بما إذا دله بصير على أن يجد أنه صيد، فرمى أو أرسل الكلب إليه بدلالته، وبه صور صاحب "التهذيب" وشيخه في موضع من تعليقه في مسألة الرمي، ووجها الحل: بأنه فعل ما فعل بدلالة البصير؛ فأشبه ما لو دله على القبلة؛ وهذا ما أجاب به الموفق بن طاهر في شرح مختصر الجويني، والصورة كما ذكرنا.
قال البغوي: والمذهب المنع، وهو ما صححه شيخه وكان قد قطع به في الكرة الأولى، وفرق بأن التوجيه إلى القبلة يسقط بالأعذار، وعند الاشتباه، يجوز له الاجتهاد، وتصح صلاته وإن لم يتيقن القبلة بخلاف الرمي.
أما إذا فعل ذلك بدون دلالة بصير.
قلت: فالذي يظهر الجزم بالمنع، ويؤيده اتفاق الأصحاب فيما إذا رمى صيداً أو أرسل عليه كلباً، فغاب عنه قبل أن يجرحه السهم أو الكلب، ثم وجده ميتاً- على عدم الحل؛ كما ستعرفه.
لكن في "البحر": أن البصير لو كان يحس بالصيد في ظلمة أو من وراء شجرة أو غيره، فرماه: أنه يحل بالإجماع؛ لأنه وقع له نوع علم به؛ فصحت نيته، وعزى ذلك إلى القفال؛ وهذا قد يقدح فيما ذكرناه؛ لأن إحساس الأعمى كإحساس البصير في الليل؛ فينبغي أن يكون محل الخلاف إذا أحس بالصيد: إما بدلالة بصير، أو بدونها وأخبر بإصابة سهمه أو كلبه للصيد وجرحه؛ كما سنذكره.
[وقد أفهم كلام القاضي الحسين في موضع آخر: أن من الأصحاب من أجرى الخلاف وإن كان بدون دلالة بصير؛ فإنه قال: ومن الأصحاب من لم يفصل بين أن يرمي الأعمى أو يرسل كلباً في أنه يحل، ومنهم من يفرق بين رميه وإرساله بأن رميه حصل بفعله فيحل، ولا معنى لإرساله الكلب؛ لأنه لا يدري آرسله على صيد أو غيره؟
ومنهم من قال: إن أرسل بحضرة من يدله على الصيد، حل.
وقال الإمام في كتاب الأضحية: إن محل الخلاف عندنا فيما إذا استشعر وكراً من الصيد، وأدركه بحس نفسه، وبنى الإرسال عليه].
وأما الصبي والمجنون، فقد أجرى الخلاف في اصطياده بالرمي والجارح.