للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: هو عود رقيق الطرفين، غليظ الوسط، إذا [رمى] به ذهب مستومياً.

ومن هذا القبيل القتل بالبندق لا يحل [المقتول]؛ قال الماوردي: لأنه يقتل الصيد بقوة راميه، وليس يقتله بحده، ولا فرق في ذلك بين أن يخرج جوفه أو لا.

وقد روى عنه- عليه السلام- أنه نهي عن الجلاهق، ولا يحل الرمي به [لأنه يعرض] الحيوان للهلاك؛ صرح به في الذخائر، نعم: لو رمى به، فأدرك الحيوان وفيه حياة مستقرة، فذبحه- حل؛ لقوله تعالى بعد ذكر المحرمات: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣].

وقد أفهم كلام الشيخ: أنه إذا رمى سهماً [أو غيره] فقتل الصيد بحده، حل؛ كما تقدم التصريح به في الخبر، وما سنذكره من بعد، ولم يخالف في ذلك أحد من الأصحاب، وفرع الشافعي على ذلك فقال: "لو ضرب الصيد فقطعه قطعتين، أكلتا وإن كانت إحداهما أقل من الأخرى، وإن قطع منه يداً أو رجلاً أو أذناً أو شيئاً، يمكن لو لم يزد على ذلك أن يبقى بعد ساعة أو مدة أكثر منها؛ ثم قتله بعد رميته- أكل ما كان [باقياً فيه] من أعضائه، وله أن يأكل العضو الذي فات منه وفيه الحياة، وقال: [إن] هذا فيما إذا لم يتمكن من ذبح الحيوان، ومات بسبب الرمي الأول؛ فيحل المبان منه والمتصل به.

وحكى ابن أبي هريرة وجهاً آخر عن بعض أصحابنا: أن البائن منه لا يؤكل وإن كان الأصل مأكولاً؛ لأنه بان منه مع بقاء الحياة، وتأول كلام الإمام الشافعي: أنه يؤكل- على أن القطع كان موحياً، لا تثبت به حياة.

قال الماوردي: ولا وجه لهذا الوجه.

أما إذا مات الصيد بغير هذا الرمي: إما بالذبح إن قدر عليه، وإما برميه ثانية إن كان غير مقدور عليه- فلا يؤكل ما بان منه بالقطع الأول جزماً؛ لأنه لما لم يكن ذكاة له لم يكن ذكاة لما بان منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>