للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكل منه قبل هذا يكون حراماً أم لا؟ يحتمل وجهين.

وعلى ذلك جرى في "التهذيب"؛ وهذا صريح في أن أكله مرتين يخرجه عن التعليم، وكلام الإمام يقتضي خلاف ذلك؛ فإنه قال: لو أكل من الثانية أيضاً، ثم من الثالثة، واعتاد الأكل- خرج عن كونه معلماً، ثم تحرم الفريسة الأخيرة التي وقع القضاء عند الأكل منها بالخروج عن التعليم، وهل ينعطف التحريم إلى أول فريسة أكل منها [إلى الأخيرة؟] اختلف أصحابنا فيه، وهذا الاختلاف فقه حسن، بخلاف ما إذا انكف الجارح عن الأكل في ابتداء الأمر إلى حيث حكم بكونه معلماً؛ فإنه لا ينعطف الحل إلى أول فريسة حصل الانكفاف عن أكلها بلا خلاف، والفرق تغليب التحريم، وهو فرق في الصورة، جمع في الحقيقة.

فرع: لو لم يسترسل عند الإرسال، أو لم ينزجر عند الزجر، قال الرافعي: فينبغي أن يكون في تحريم الصيد وخروجه عن كونه معلماً الخلاف المذكور في الأكل؛ لأن كل واحد من الخصال المذكورة ركن في التعليم.

وعن القفال: أنه إذا أراد الصائد أخذ الصيد منه، فامتنع، وصار يقاتل دونه، فهو كما لو أكل [منه]؛ قاله في "البحر".

قلت: بل ينبغي أن يكون هذا الحكم فيما إذا أراد أخذ الصيد منه، فهر في وجهه؛ لأن من شرائط التعليم في الابتداء أيضاً ألا يهر في وجه صاحبه.

قال: وإن كان الجارحة كلباً، غسل موضع الظفر والناب من الصيد، أي: سبع مرات إحداهن بالتراب؛ لأن نجاسة الكلب أصابته، فهو كالإناء، وهذا ما اختاره في "المرشد".

وقيل: يكفيه على هذا الغسل مرة واحدة.

وقيل: يعفي عنه؛ لأن الله تعالى أباح أكله بقوله: {فَكُلُوا} [المائدة: ٤]، ولم يشترط الغسل، ولأنه يشق الاحتراز منه؛ فصار كدم البراغيث، [والدم] الذي يكون في العروق؛ وهذا أخذ من قول الشافعي- رضي الله عنه-: "الموضع الذي أكل الكلب منه نجس"، ولم يأمر بغسله.

<<  <  ج: ص:  >  >>