قال في "البحر": وهذا غلط؛ لأنه حكم بنجاسته؛ فدل على وجوب غسله.
وقال البغوي تبعاً لشيخه: والأصح الأول؛ لأن الله- تعالى- وإن لم يبين، فهو مؤول إلى بيان السنة.
والخلاف المذكور حكاه القاضي أبو الطيب وغيره من العراقيين وجهين، والصيدلاني قولين منصوصين، وهما متوافقان على أن الموضع نجس، وقد صرح به في "المهذب" و"التهذيب". وقال البندنيجي: إنه ينجس قولاً واحداً، وفي "الإبانة": أنه هل ينجس بذلك أم لا؟ فيه قولان؛ والأقيس: أنه ينجس، وقد حكاهما في "البحر" عن المراوزة.
وقيل: لا يطهر بالغسل موضع فمه [بل يقطع]؛ لأن لعابه قد دخل في أجزائه [وغسله يزيد في نجاسته؛] فلا يطهر بالماء.
قال الإمام: وقائل هذا يطرده في كل لحم، وما في معناه يعض عليه الكلب، بخلاف الموضع الذي يناله لعابه من غير عض.
وحكى عن القفال: أن ناب الكلب إذا أصاب عرقاً نضاحاً بالدم، سرى حكم النجاسة إلى جميع الصيد، ولا يحل أكله.
قال الإمام:[وهذا لا اعتداد] به، وهو غلط من الحاكي؛ لأن النجاسة وإن اتصلت بالدم، فالعروق وعاء حاجز بينه وبين اللحم، ثم الدم إذا كان يفور، امتنع غوص النجاسة فيه؛ كالماء المتصعد من فوارة، إذا وقعت نجاسة على أعلاه لم ينجس ما تحته، وعلى عكسه الماء المنحدر من الإبريق إذا لاقى نجاسة، لا ينجس ماء الإبريق؛ وبهذا أجاب ابن الصباغ.
قال: وإن رمى طيراً، فأصابه السهم، أي: في غير المذبح، فوقع في ماء، أو على جبل فتردى منه- أي: سقط منه- فمات، لم يحل.
أما في الأولى؛ فلما روى مسلم والبخاري وغيرهما عن عدي بن حاتم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في تتمة حديث: "وإن رميت بسهمك، فاذكر اسم الله؛ فإن غاب عنك يوماً، فلم تجد