فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل"، والمعنى فيه: أنه يحتمل أن يكون قد مات من الرمية أو من الغرق، والأصل في الميتات التحريم؛ ولأجل هذه العلة، حرم في الصورة الثانية؛ لأنه يحتمل موته من الرمية؛ فيحل، أو من التردية؛ فيحرم، أو منهما، فيحرم أيضاً؛ تغليباً للتحريم.
وهذا مما لم يختلف فيه قول الشافعي-[رضي الله عنه وللإمام] احتمال فيما إذا رماه في الجبل فتحدر من حجر إلى حجر في الحال، والمنقول الأول، ويخالف هذا ما إذا وقع على جبل أو شجرة أو حائط ونحو ذلك ولم يترد منه، أو على أرض حيث قلنا بالحل بلا خلاف، وإن احتمل أن يموت من الصدمة، لأن ذلك لابد منه؛ فعفي عنه؛ كما عفي عن الذبح في [غير] المذبح عند التعذر، فإنا لو لم نقل بحله، لأدى إلى ألا يجوز الاصطياد، بخلاف التردية والوقوع في الماء، فإن ذلك [نادر]، فألحق بما لو وقع في نار؛ فإنه يحرم؛ لندور ذلك.
ويخالف- أيضاً- ما لو رمى، فحملت الريح السهم؛ لقصور الرمية وأصاب؛ فإنه يحل؛ لأن الظاهر: أن الإصابة كانت بإرساله، والجو لا ينفك من الريح؛ فيعسر الاحتراز منها، وليس لها فعل [حتى يكون منسوباً] إليها، [وللإمام فيها احتمال]، نعم: لو أصاب السهم الأرض أو حجراً، فازدلف، فأصاب صيداً، ففي الحل وجهان مخرجان- كما قال في "المهذب" وغيره- من الخلاف في نظير المسألة من المسابقة.
والمختار في "المرشد": الحل أيضاً، وهو ما ادعى الشيخ أبو حامد: أنه المذهب فإن ما يتولد من فعل الرامي منسوب إليه؛ ولم يورد البغوي سواه، وقد ألحق بوقوعه على الجبل والتردية منه ما لو وقع على سكين أو شيء محدود من قصب