وقال في "الحاوي": الصحيح عندي أن يراعي مخرج الكلب عند إرساله، فإن خرج عادلاً عن جهة إرساله إلى غيرها، لم يؤكل صيده، وإن خرج إلى جهة إرساله، ففاته صيدها، فعدل إلى غيره فأخذه أكل؛ لأنه على الصفة الأولى مخالف؛ فصار مسترسلاً لنفسه، وعلى الصفة الثانية موافق؛ فكان مرسلاً، وهو أدل على فراهته؛ وهذا الذي ذكرناه هو المذكور في كتب العراقيين.
وأما المراوزة فقد حكى عنهم في "البحر" وجهاً [خرجه][في مسألة السهم كوجه] أبي إسحاق في مسألة الكلب.
وأطلق الفوراني حكاية الخلاف [في مسألة الكلب من غير تقييد بحالة كون المصاب في غير سمت المقصود، وأفهم كلام القاضي الحسين] أن أبا إسحاق لا يخص ما قاله من عدم الحل بكون المصاب في غير سمت المقصود؛ لأنه قال: إذا أرسل على صيد فقتل غيره، فظاهر كلام الشافعي- رضي الله عنه- أنه يحل [أكله].
وقال أبو إسحاق: لا يحل؛ لأن للكلب قصداً واختياراً، فإذا عدل عما قصده الصائد إلى غيره، فقد أخذ باختياره دون إرسال صاحبه، واحتج عليه بما قال أصحابنا: لو أرسل كلباً على صيد في الحل، فدخل الحرم خلفه، وقتله، فلا شيء عليه، وبمثله في السهم عليه الجزاء لأن الذي حصل برميه حصل بفعله.
وأما الإمام فقال: إذا قصد ظبية من سرب عينها بسهمه، فأصاب غيرها- فثلاثة أوجه:
أصحها: الحل، وبه قطع طوائف.
والثاني: التحريم.
والثالث: إن كان قد رأى الظبية المصابة حين الرمي أو كانت في السرب حلت، وإن لم يرها أو ثارت بعد مرق السهم فأصابها، لم تحل؛ وهذا ما اختاره في "المرشد".