ولو أرسل عليها كلبه فأصاب غيرها، فالخلاف جار في الحل- أيضاً- لكن بالترتيب، واختلف الأصحاب في الترتيب:
فرتب الأكثرون الكلب على السهم، وجعلوا مأخوذ الكلب أولى بالتحريم؛ لأنه حيوان؛ فله اختيار على الجملة، بخلاف السهم.
ومنهم من قال: مأخوذ الكلب أولى بالحل؛ لعسر التعليم على هذا النحو، بخلاف السهم؛ ولأجل ذلك قيل: إن السهم لو انفلت، فأصاب بعرضه [فقتل]، لم يحل، ولو مات الصيد بثقل الجارح: ففي الحل قولان.
وقال: إن الكلب لو كان حين إرساله مضى في الصوب الذي أراده المغري، ثم بان صيد آخر، فاستدبر الكلب الأول، وأعرض عنه، ومضى في صوب الصيد الثاني، فقتله- فهو حرام لاشك فيه؛ وهذه الطريقة إذا تأملتها كانت عكس طريقة العراقيين.
فرع: وإن أرسله على غير صيد، أي: مثل أن أرسله ليلاً، وهو لا يتوهم وجود صيد، أو نهاراً وهو لا يرى صيداً ولا قصده، فقتل صيداً- لم يحل؛ لأنه لم يرسله على صيد معين ولا مرسل، فكان في السهم كما لو سقط منه سيف على حلقوم شاة، فقطع المنحر منها، والجامع: فقدان أصل القصد في المصاب وفي الكلب كالمسترسل بنفسه.
[قال:] وقيل: يحل في السهم دون الكلب؛ لأن السهم قتل بفعله، وقصده إلى الذبح غير معتبر.
دليله: ما لو قطع عنق شاة على أنه ثوب؛ وهذا الوجه قد حكاه القاضي الحسين، واختاره في "المرشد".
وفي "البحر" عن صاحب "الإفصاح" القطع به، وهو منسوب في "تعليق البندنيجي" وغيره إلى أبي إسحاق، وطرده البندنيجي والمصنف فيما إذا وقع منه السيف، فقطع المنحر من الشاة: أنها تحل، والبغوي نسبه في هذه – أيضاً- إلى أبي إسحاق، واختاره في "المرشد".