للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "تعليق القاضي أبي الطيب" حكايته في السهم والكلب معاً عن رواية القاضي أبي حامد، وهو في "البحر" أيضاً.

وظاهر النص في مسألة الكتاب الأول؛ فإن الشافعي- رضي الله عنه- قال: "ولو أرسل سهماً و [هو] لا يرى صيداً، فلا يأكل، ولا تعمل النية إلا في عين ترى"، وبه جزم الإمام، والمشهور في مسألة الكلب الجزم بالتحريم.

نعم: لو أرسل سهماً في الليل، وخطر له أنه قد يصيب صيداً، قال الإمام: فحاصل ما ذكره الأصحاب ثلاثة أوجه؛ ثالثها: أنه ينظر: فإن رمى في موضع يغلب على الظن الصيد فيه [حل وإن كان لا يغلب على الظن الصيد فيه] فالقصد لا أصل له، وحكمه حكم البازي.

واعلم أنه يمكن تصوير مسألة الكتاب- أيضاً- بما إذا أرسله إلى ما يجوز الرمي إليه من هدف أو ذئب أو خنزير ونحوه، فأصاب صيداً، فإن [في] الحل في هذه الصورة- أيضاً- خلاف- موافق لما ذكره الشيخ؛ صرح به الإمام، والذي جزم به البغوي فيها تبعاً لشيخه التحريم في السهم والكلب.

قال: وإن رمى شيئاً يحسبه- أي: بكسر السين وفتحها- حجراً، أي: ونحوه، فكان صيداً- فقتله- حل أكله.

قال أبو إسحاق: لأنه قتله بفعله، ولا اعتبار بالقصد؛ دليله: صحة ذكاة الصبي والمجنون مع أنه لا قصد لهما صحيح، وما لو قطع شيئاً ليناً ظنه ثوباً، فإذا هو حلقوم شاة- حلت كما نص عليه.

وقال غيره: إنما حل؛ لأنه قصده بفعله وإن ظنه غيره، وانبنى على العلتين الخلاف في المسألة السابقة، وهي إذا رمى إلى غير صيد، فقتل صيداً وما ألحق بها؛ كذا قاله في "الحاوي" وغيره، وما ذكره الشيخ لم يورد العراقيون والإمام غيره.

وحكى في "التهذيب"- تبعاً لشيخه- وجهاً في عدم الحل، وهو في "البحر" منسوب إلى رواية القاضي أبي حامد عن بعض الأصحاب، ثم قال: والمذهب الأول، وكذا لو قطع عنق شاة ظنها خشبة لينة، أو وضع سكيناً على موضع يحسبه جداراً، فإذا هو حلق شاة، أو رمي إلى حيوان ظنه خنزيراً أو حيواناً غير مأكول [فأصابه]،

<<  <  ج: ص:  >  >>