قال الأصحاب: ومثل هذا إذا اصطاد سمكة ووجد في بطنها جوهرة مثقوبة، لم يملكها؛ لدلالة أثر الملك عليها، بل تكون لقطة، بخلاف ما لو كانت غير مثقوبة؛ فإنه يملكها.
وخص الماوردي محل ملكه لها إذا كانت غير مثقوبة بما إذا اصطاد السمكة من بحر الجوهر، وقال فيما إذا كانت من غيره: إنه لا يملكها، وأجراه فيما إذا وجد في جوفها عنبرة، وقال فيما غذا وجد في جوفها ذهباً: فإن كان مطبوعاً، أو عليه أثر دخوله النار، لم يملكه، وإلا فإن كانت في بحر فيه معادن الذهب ملكه، وإلا فلا، وتكون لقطة.
وقد أطلق البغوي القول بأن من اشترى سمكة، فوجد في بطنها درة غير مثقوبة: أنها تكون للمشتري، وإن كانت مثقوبة، فهي للبائع إن ادعاها.
قال الرافعي: ويشبه أن يقال: إن الدرة لمن اصطاد السمكة؛ كما أن الكنز [الذي] يكون في الأرض يكون لمحيي الأرض.
وقد نجز شرح مسائل الباب، فلنختمه بفروع تتعلق به:
أحدها: [إذا أمر عبداً أعجمياً أو مجنوناً بالصيد، فهل الصيد للآمر أو للمأمور؟ فيه وجهان في "تعليق القاضي الحسين"، والمذكور منهما في "التهذيب" و"البحر": أنه إذا كان المأمور عبداً أعجمياً يكون لسيده، وألحق به الصبي].
[الثاني] إذا أرسل كلبه على صيد فقتله، ولم يعلم أنه مملوك، فهل يضمنه؟ فيه وجهان في "الحاوي".
أحدهما: نعم؛ كما لو أرسل عليه سهمه؛ فإنه يضمنه وجهاً واحداً.
والثاني: لا؛ كما لو وقع في شبكته، وانفلت منها، وتلف، ويخالف مسألة السهم؛ لأن القتل فيها منسوب إلى راميه، وقتل الكلب [منسوب] إلى اختياره.
[الثالث]: إذا اختلطت حمامات برج مملوكة بحمامات مباحة، نظر: إن كان المباح محصوراً لم يحل صيد شيء منها، وإن كان غير محصور، حل الصيد؛ كما إذا اختلطت من يحرم عليه نكاحها بنسوة.