قال الغزالي في "الإحياء" في كتاب الحلال والحرام: والعدد المحصور وغير المحصور إنما يضبطان بالتقريب، فكل عدد لو اجتمع في صعيد واحد يعسر على الناظر عددهم بمجرد النظر: كالألف ونحوه، فهو غير محصور، وما سهل: كالعشرة والعشرين، فهو محصور، وبين الطرفين أوساط متشابهة تلحق بأحد الطرفين بالظن، وما وقع فيه الشك [اُستُفتى] فيه القلب.
ولو اختلطت حمامات أبراج مملوكة [لا تكاد تنحصر] بحمامات أخرى مباحات، فوجهان:
أحدهما: لا يجوز الاصطياد منها؛ فإن ما لا ينحصر بالإضافة إلى مثله كما ينحصر بالإضافة إلى مثله.
والثاني: يجوز؛ استصحاباً لما كان.
قال الإمام: وهذا إليه صَغْوُ معظم الأصحاب، والأول أقيس.
ولو اختلطت حمامات برج مملوكة بحمامة [من] برج آخر مملوكة، وعسر التمييز- ففي "التهذيب": أن لكل مالك أن يأكل بالاجتهاد واحدة واحدة [حتى] تبقى واحدة؛ كما لو اختلطت ثمرة الغير بثمرته.
والذي حكاه الروياني: أنه ليس له أن يأكل واحدة منها، حتى يصالح ذلك الغير أو يقاسمه؛ ولهذا قال بعض مشايخنا: ينبغي للتقي أن يجتنب [طير البرج] وبناءها.
ونقل الإمام وغيره: أنه ليس لواحد منهما أن يتصرف في شيء منها ببيع أو هبة من ثالث؛ لأنه لا يتحقق الملك فيه، ولو باع أو وهب [أحدهما] من الآخر، ففيه وجهان:
وجه الصحة: وهو أولى؛ للحاجة الداعية إليه، وقد ترتفع التعبدات بالضرورات والحاجات؛ ولذلك صححنا القراض والجعالة على ما فيهما من الجهالة.
وأنهما لو باعا الحمام المختلط، ولا يدري واحد منهما عين ماله، فإن كانت