وإن كانا يجهلان الأعداد [قال الإمام]: فالوجه عندي [عدم] صحة البيع؛ لأنه لا يعرف كل واحد منهما ما يستحقه من الثمن، والطريق أن يقول كل واحد منهما: بعتك الحمام الذي لي في هذا البرج بكذا؛ فيكون الثمن معلوماً، ويحتمل الجهل في المبيع؛ للضرورة.
وفي "الوسيط": أنهما لو تصالحا على شيء، صح البيع، واحتمل الجهل بقدر المبيع.
ويقرب من هذا ما أطلق من مقاسمتهما.
قال الرافعي: واعلم أن الضرورة قد تدعو إلى المسامحة في بعض الشروط المعتبرة في العقود؛ ألا ترى أن الكافر إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة، ومات قبل الاختيار- يضصح اصطلاحهن على القسمة؛ إما بصفة التساوي، أو التفاوت، مع الجهل بالاستحقاق؛ فيجوز أن تصح القسمة هاهنا- أيضاً- بحسب تراضيهما.
ويجوز أن يقال: إذا قال كل واحد منهما: بعت ما لي من حمام هذا البرج بكذا، وصححناه مع الجهل بالمبيع، فإذا قالا: بعنا حمام هذا البرج بكذا والأعداد مجهولة- أن يصح أيضاً مع الجهل بما يستحقه كل واحد منهما؛ إذ المقصود انفصال الأمر بحسب ما يتراضيان عليه.
والإمام قوى رأيه في عدم الصحة في هذه الصورة بأن رفع الجهل عن الثمن- بأن يبيع كل واحد [منهما] ما يملكه من ذلك- ممكن؛ فلا معنى لاحتمال جهل لا تلجأ إليه الضرورة.
ولو انثالت حنطة إنسان على حنطة غيره، أو انصب مائع في مائع، وجُهِلَ المقدار، قال الرافعي: فليكن الحكم كما ذكرنا في اختلاط الحمام.
ولو اختلط درهم حرام أو دراهم بدراهم، ولم يتميزا، أو دهن بدهن ونحو