قال: وسنور البر [فقد]، قيل: إنه يؤكل؛ لأنه حيوان يتنوع إلى أهلي ووحشي، حرم الأهلي منه؛ فيحل الوحشي؛ كالحمار، وهذا يحكى عن الخضري، واختاره في "المرشد".
وقيل: لا يؤكل؛ لأنه يصطاد بنابه؛ فاندرج تحت نهيه- عليه السلام- عن أكل كل ذي ناب من السباع، وهذا ما صححه البغوي والرافعي، واختاره القفال.
وفرق بينه وبين الحمر بأنها تفارق الأهلية في ألوانها وهيئاتها وطباعها، وقد قال بعضهم: إن أصل الخلاف التردد في أنه وحشي الأصل، أو كان إنسياً وتوحش، وتولد عند انجلاء أهل القرى وسِنِي القحط؟ فعلى الأول: يحل، وعلى الثاني: لا.
واعلم أن أصل قاعدة المذهب في الحيوان الوحشي- كما قال الشافعي رضي الله عنه في كتاب الصيد والذبائح-: أن ما فداه المحرم في سُنَّةٍ أو أثر يؤكل.
قال البندنيجي: ولا يخرج منه إلا السِّمع ونحوه؛ لما سيأتي.
قال: ولا يؤكل ما تستخبثه العرب من الحشرات: كالحية، والعقرب، والوزغ، وسام أبرص، والخنفساء، والزنبور، والذباب، والجعلان، وبنت وردان، وحمار قَبَّان وما أشبهها، أي: كالفئران، والنحل، والعناكب، والقراد، والصراصير، [والنمل]، والدود، والقمل، ونحو ذلك؛ لقوله تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: ١٥٧]، ولأن الشرع قد أمر بقتل بعض ذلك؛ روى أبو داود وغيره عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عما يقتل المحرم؟ قال:"الحَيَّةُ، والْعَقْرَبُ، والْفُوَيْسِقَةُ، وَيَرْمِى الْغُرَابَ، وَلاَ يَقْتُلُهُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، والْحِدْأَةُ، والسَّبُعُ الْعَادِي"، ونهى