وروي أنه- عليه السلام- نهي عن قتل النملة، والنحلة، والخطاف، والصرد، والهدهد، والضفدع، فلو كان البعض الأول مباح الأكل، لما أمر بقتله؛ كما لم يأمر بقتل سائر ما يحل أكله؛ لأجل إبقائه للتسمين وللأكل، وكذلك لو كان البعض الآخر مباح الأكل، لما نهى عن قتله؛ لأن الذكاة قتل مخصوص، وإذا امتنع أكل البعضين، قِيسَ ما في معناهما عليهما.
وقد جعل صاحب "التلخيص" وغيره ذلك أصلاً، فقال: ما أمر بقتله فهو حرام، وما نهي عن قتله فهو حرام.
قال البغوي: قال الأصحاب: والأول أصح، وأما الثاني: فليس على إطلاقه؛ لأن الشافعي- رضي الله عنه- أوجب في الهدهد، والصُّرَد الجزاء، وعنده لا يجب الجزاء على المحرم بقتل ما لا يؤكل لحمه، ولأصحابنا فيهما وجهان:
أحدهما: لا يحل؛ لورود النهي عن قتلهما، وهو الأظهر في "الرافعي"، وبه جزم في "الوجيز" في الصرد.
والثاني: يحل، والنهي عن قتلهما محمول على الكراهة؛ لأن الهدهد امتثل أمر نبي من الأنبياء، والصُّرَد كانت تتشاءم به العرب بصوته وصورته.
وأما الخطاف، والنحلة، والنملة، وغيرها مما ذكرناه، فحرام.
وعن أبي عاصم العبادي أن محمد بن الحسن قال: يحل الخطاف. وهو محتمل على أصلنا، وإليه مال كثير من أصحابنا، وأجرى أبو عاصم العبادي الخلاف في النملة والنحلة.
وما ذكرناه من تحريم الدود مخصوص بما لم ينشأ من الطعام، أما ما نشأ منه: