مشهور- واعلموا بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره عليهم. وهي مما لا نظير لها في البر؛ وعلى هذا يشترط في الحل الذكاة، حتى لو مات حتف أنفه أو في الماء، لا يحل؛ جزم به البندنيجي وغيره.
وفي "النهاية" و"تعليق" القاضي الحسين وغيرهما: أنا هل نشترط الذكاة فيه على هذا أم لا؟ فيه قولان، مأخذهما أنه هل يسمى سمكاً أم لا؟
واعلم أن ظاهر القول الأول يقتضي حل التمساح؛ لأنه مما سوى الضفدع والسمك، وهو المفهوم من كلام ابن الصباغ أيضاً؛ فإنه قال: فأما ما يعيش في البحر، ولا يعيش في البر، فالذي نص عليه الشافعي- رضي الله عنه- أن ذلك حلال، سواء ما كان من جنس السمك [أو غيره].
وقال أصحابنا: على هذا يحل جميعه إلا الضفدع، واستثنى أحمد الضفدع والتمساح، وقد صرح من أصحابنا بحل أكله الصيمري، والمذهب تحريمه؛ للخبث والضرر.
قال: وكل طاهر لا ضرر في أكله يحل أكله؛ لأنه من الطيبات.
قال: إلا جلد ما يؤكل لحمه إذا مات ودبغ؛ فإنه لا يجوز أكله في أحد القولين؛ لعموم قوله – تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣]، وقوله – عليه السلام-: "إِنَّمَا حُرِّمَ مِنَ الْمَيْتَة أَكْلُها"، وهذا هو القديم، والصحيح في "الشامل" في باب الآنية، وادعى الإمام ثَمَّ أنه الظاهر.
قال: ويجوز في الآخر؛ لتحقيق الضابط المذكور، أما جلد ما لا يؤكل إذا دبغ؛ فإنه لا يحل قولاً واحداً؛ لأن الدباغ لا يزيد على الذكاة، والذكاة لا تفيد حله؛ فكذلك الدباغ، وهذا ما أورده ابن الصباغ في باب الآنية وغيره، وهو يؤخذ من كلام الشيخ، لأنه إذا استثنى جلد ما يؤكل لحمه، فجلد ما لا يؤكل لحمه من طريق الأولى؛ وبهذا يندفع الاعتراض على الشيخ- رحمه الله- في كونه لم يستثنه.