وقيل: هو- أيضاً- على قولين، وبه يحصل في المسألتين ثلاثة أقوال، حكاها الإمام والغزالي أوجهاً، وهي مفرعة على المذهب الصحيح في أن الدباغ يطهر الجلد باطناً وظاهراً.
أما إذا قلنا: لا يحصِّل الدباغُ إلا طهارة الظاهر؛ فلا يحل جزماً؛ كذا أشار إليه الإمام [ثَمَّ].
وقد أضاف البغوي إلى ما استثناه الشيخ المنى، وكل حيوان يبتلعه حياً سوى السمك والجراد.
وغيره أضاف الآدمي، وكل ما هو مستقذر: كالبصاق، والمخاط، والمني؛ فإنه حرام على المذهب كما قال الإمام، خلافاً [لأبي] زيد، وقال في حد ما يؤكل: هو كل [طاهر لا ضرر في أكله، وليس بجزء من آدمي ولا بمستقذر.
والإمام في باب الآنية قال:] لا يمتنع أن يجعل حد ما يؤكل كل طاهر غير مضر، وليس في تعاطيه هتك حرمة، وهذا يخرج بلع الحيوان الحي والآدمي، لكنه قد يدخل المستقذر؛ فلعله مال إلى مذهب أبي زيد في أنه لا يحرم، ويكفي الاستقذار وازعاً [عنه].
وقد استثنى الروياني والماوردي النبات الذي يسكر، وليس فيه شدة مطربة: كالبنج، وقال: إنه يحرم أكله، ويجوز استعماله في الدواء وإن أفضى إلى السكر؛ إذا لم يكن منه بد.
فإن قلت: هل يمكن أن يجاب عن الشيخ في اقتصاره على ما ذكر؟
قلت: نعم، ويقال: لا نسلم أن تناول المني والمستقذرات وما يسكر وإن لم يكن فيه شدة مطربة غير مضر.
وأما ابتلاع الحيوان الحي غير السمك والجراد، فهو يخرج بقوله:"ولا يحل من الحيوان المأكول [شيء] من غير ذكاة إلا السمك والجراد".
وأما جزء الآدمي فهو خارج ببداهة العقول، وإنما يقع الاحتراز عما يتوهم دخوله.