وغيرهما، واكتفي الإمام بذكر الميتة عن ذكر لحم الكلب والخنزير- كما فعل الشيخ- لأن الميتة هي البهيمة التي لا نفس [لها] سائلة التي ماتت من غير اتصال ذكاة شرعية بها.
نعم: حكى الماوردي أنه لو وجد ميتة غير مأكول اللحم [وميتة المأكول]، أو ميتة طاهر في حال الحياة وميتة نجس العين، هل يتخير بينهما، أو يأكل ميتة المأكول؟ والظاهر فيه وجهان، والدم من سائر الحيوانات ملحق بما ذكرناه.
وأما الميتة الطاهرة، فإن كانت مأكولة، لم يخف أنها ليست داخلة فيما نحن فيه، وإن كانت غير مأكولة، وهي ميتة الآدمي، ففي "التهذيب" وجه أنه لا محل تناولها، وإن وجدت الشرائط المذكورة؛ لحرمته، وهو ما حكاه أبو الحسن العبادي عن المزني.
والمذهب فيه- وهو الذي أورده الماوردي، والقاضي الحسين، والمصنف، وغيرهم- الحل، وأجروها مجرى غيرها من الميتات.
نعم: قال الماوردي: إنه لا يؤكل منها إلا ما يسد به الرمق قولاً واحداً، وأنه لا يجوز طبخها، ولا شيها؛ إذا أمكن تناولها بدون ذلك، بخلاف غيرها من الميتات؛ لأن طبخ الآدمي محظور وإن لم يؤكل، وأكله محظور وإن لم يطبخ، والضرورة تدعو إلى الأكل؛ فأبحناه، ولا تدعو إلى الطبخ؛ فحظرناه.
وقال أيضاً: إنه لو وجد ميتة غيره، لا يحل له أكل ميتته وجهاً واحداً، [بل يأكل] ميتة غيره وإن كانت لحم خنزير؛ لأن تحريم الميتة في حق الآكل، وتحريم ابن آدم في حقه وحق الآكل؛ فكان أغلظ.
وقضية إطلاق غيره: أنه لا فرق في ذلك كله أيضاً بين ميتة الآدمي وميتة غيره.
نعم حكى القاضي الحسين في حالة وجود ميتة غيره في إباحة تناول ميتة الآدمي وجهين؛ وهذا كله فيما إذا كان الأكل مسلماً، سواء كان المأكول مسلماً أو كافراً.
أما لو كان الآكل ذمياً، فهل نبيح له أكل ميتة المسلم إذا أبحناها للمسلم؟ فيه وجهان في"التهذيب".