للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصدق اسم الاضطرار إلى أكل الميتة، وقد صرح به الماوردي، لكنه جعل ذلك شرطين؛ لتتمة ثلاث شرائط من الشرائط الأربع التي تقدم ذكرها، فقال: الشرط الثاني: ألا يجد من مأكول الخسيس ما يمسك به رمقه من غير ضرر، فإن وجده لم يحل.

الشرط الثالث: ألا يجد طعاماً يشتريه بثمن مثله، فإن وجده لم يحل، سواء كان قادراً على الثمن أو عاجزاً عنه، ورضي مالك الطعام بذمته، بخلاف المتيمم؛ لأن التيمم منوط بعدم الوجدان، ومع العجز عن الماء وثمنه قد تحقق، وهاهنا الأكل منوط بالضرورة، وهو [مع] الإنظار بالثمن غير مضطر.

نعم: لو بذل له الطعام بأكثر من ثمن المثل، حلت، أي: إذا لم يقدر المضطر على مقاتلته؛ كما سنذكره.

والشرط الرابع الذي ذكره: ألا يكون [بصيرورته إلى] الضرورة لأكل الميتة عاصياً؛ [كما لو أقام لقطع] الطريق وإخافة السبيل، أو لبغيه على الإمام العادل؛ لقوله تعالى: {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣]؛ ولأن إباحة الميتة رخصة، والعاصي لا يترخص، فإن تاب من المعصية، حل له أكل الميتة، وإن أقام عليها ولم يتب، حرمت عليه.

ولا فرق بين المسافر والمقيم، وهذا قد حكاه البندنيجي أيضاً، ونسبه في "البحر" إلى الشافعي، ونقل عنه أنه لو خرج غير عاصٍ، ثم نوى المعصية، ثم أصابته الضرورة ونيته المعصية- قال: خشيت ألا يسعه أكل المحرم، لأني أنظر إلى نيته في حال الضرورة لا في حال تقدمت عنها أو تأخرت عنها.

وفي الرافعي وجه أن ذلك ليس بشرط.

الأمر الثالث: أن ما ذكره يختص بالميتات النجسة؛ لأن قوله: "ولا يحل أكل شيء نجس، فإن اضطر إلى [أكل] الميتة [أكل] .. " إلى آخره يدل عليه، وأنه لا فرق في ذلك بين ميتة [ما يؤكل لحمه] و [بين] غيره، ولا بين ميتة الحيوان الطاهر أو النجس: كالكلب والخنزير، وقد صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي

<<  <  ج: ص:  >  >>