للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: وهو ثلاثة أقوال؛ كما تقدم حكاية ذلك عنهم؛ ثالثها: التخيير؛ وهذه التي أوردها البغوي [ثم قال الغزالي- تبعاً لإمامه – وفيه نظر؛ فإن الميتة وطعام الغير] تقابل فيهما حق الله تعالى وحق الآدمي، وهاهنا الحق لله تعالى من الجانبين.

ومختار المزني في المسألة تناول الصيد، وماذا يأكل منه؟ فيه قولان كما في الميتة، وهما مذكوران فيما إذا لم يجد إلا الصيد.

والذي صححه النواوي، واختاره في "المرشد"- تبعاً لصاحب "البحر"- أكل الميتة، وقال: إن القاضي الطبري نقل أن الشافعي [صرح] في "ذبائح بني إسرائيل" بأنه يأكل الميتة، ويترك الصيد؛ فهو مذهبه، ولا حاجة إلى هذا التطويل.

وقد خص الماوردي الخلاف بما إذا لم تكن الميتة ميتة آدمي، فلو كانت قال: فلا يأكل إلا الصيد قولاً واحداً؛ وهذا كله إذا وجد الصيد حياً، أما إذا وجد لحم صيد وميتة، قال الغزالي: فلحم الصيد أولى؛ لأن المحذور حق الصيد في القتل، وتحريم اللحم على المحرم أهون من تحريم الميتة العام تحريمها.

وقال القاضي أبو الطيب: إنه ينظر: فإن كان قد ذكى الصيد حلال غيره، فلحمهُ كذلك، وحكمه كما لو وجد ميتة وطعام الغير.

وإن كان قد ذكاه محرم، فإن قلنا: إن ما ذبحه المحرم من الصيود حرام على غيره، تناول أيهما شاء؛ لأنهما قطعتا ميتة؛ وهذا ما صححه في "العدة".

ونقل ابن الصباغ عن القاضي أبي الطيب في كتاب الحج: أنه يأكل الصيد؟ لأنه مختلف في إباحته، وحكي هنا عن الشيخ أبي حامد أن أكل الميتة أولى، وهو ما أورده الماوردي، واختاره في "المرشد".

[ثم] قال القاضي وغيره: وإن قلنا: إنه مباح لغيره؛ فإنه يتناول اللحم، ويدع الميتة؛ لأن هذا اللحم طاهر ليس بملك لأحد؛ لأن المحرم إذا اصطاد، وذبح، لم يملكه بذلك؛ وهذا منه يفهم أن محل ذلك إذا وقع الصيد والذبح في حال الإحرام.

أما إذا وقع الصيد وهو حلال، والذبح في حال الإحرام، فالأمر كذلك؛ إن قلنا بزوال ملك المحرم أما إذا قلنا ببقائه، فلا.

وقد أشار إلى ذلك الماوردي بقوله: لو لم يجد إلا لحم صيد ذكاه محرم آخر،

<<  <  ج: ص:  >  >>