[والعلة الجامعة:] أنها متعينة في الدواء و [غير] متعينة [في العطش]، وهذا ما نسبه الماوردي هنا إلى بعض البصريين من أصحابنا، وقال في "البحر": إنه اختيار القاضي أبي الطيب، وقال: إنه منصوص الشافعي، وما عداه خلاف مذهبه؛ ولأجل ذلك رجحه في كتاب الحدود.
وفي "الشامل" طريقة رابعة في المسألة: أنه يجوز للعطش؛ لأنها تروي في الحال، وذلك موثوق به، ولا يجوز للتداوي؛ لأن دفع العلة غير موثوق به؛ فإن الطبيب وإن تبحر لا يجزم بقضاء على مريض؛ ولذلك قال "أبقراط": "التجربة خطرة والقضاء عسر"، [ومراده- كما قال الإمام-: أن القضاء بماهية المرض، ثم بعلاج نافع عسر] مع استنادهما إلى التجربة.
وهذه الطريقة نسبها الماوردي إلى بعض البغداديين من أصحابنا، ولم يورد الغزالي هنا غيرها، وهو متبع للإمام؛ فإنه قال هاهنا: إن من انتهى بالعطش إلى الضرورة، فيتعاطى الخمر؛ فإنها تسكن العطش، ولا يكون استعماله في حكم العلاج، ومن قال: الخمر لا تسكن العطش، فليس على بصيرة، ولا يعد مثل هذا مذهباً، بل هو غلط ووهم، ومعاقر الخمر يجتزئ بها عن الماء.
وقال في كتاب "الحدود": يجوز الشرب؛ لدفع العطش في قول الأصحاب أجمعين، وقالوا: لا يجوز التداوي، وبلغنا عن آحاد من المتأخرين ينتسب بجوازه من غير تدوين في تصنيف، وإنما يترامزون به ترامز المتكاتمين، وقد حكاه في "الوسيط" في الباب الثاني في المياه النجسة.
وقد نسب في "البحر" القول بأن الخمر تروي ولا تعطش إلى بعض المخالفين، وأنه خطأ الشافعي في قوله:"إنها لا تروي بل تزيده عطشاً"، كما تقدم، وقال: ليس بعيب عليه؛ لأن مثله يجوز أن يخفي عليه؛ فإن تأثير الخمر في نفس الشارب.
قال الروياني: وهذا خطأ من المخالف، والشافعي أعرف بهذا منهم؛ فإنه وصف