فرع: إذا وجد المضطر للشرب للعطش خمراً وبولاً، شرب البول؛ كما لو وجد بولاً وماء نجساً، شرب الماء النجس؛ لأنه أخف، وما الذي يشربه هل ما يرويه أو ما يسد رمقه؟ فيه قولان كما في أكل الميتة.
قال: ولا يحرم كسب الحجام، أي: سواء اكتسبه حر أو عبد؛ لما روى أبو داود عن ابن عباس قال:"احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجرته، ولو علمه خبيثاً لم يعطه، أخرجه البخاري.
وروى أبو داود عن أنس بن مالك أنه قال: "حجم أبو طيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه"، أخرجه البخاري ومسلم.
قال جابر: وكان خراجه ثلاثة آصعٍ من تمرٍ في كل يوم، فخففوا عنه في كل يوم صاعاً.
ووجه الدلالة من ذلك ما قاله ابن عباس: أنه لو كان حراماً لما أعطاه؛ لأن كل موضع حرم الأخذ على الآخذ، حرم الدفع على المعطي؛ كأجرة المغني والنائحة.
ويستثنى من ذلك ما إذا دعت إليه ضرورة؛ كما إذا أعطى الشاعر شيئاً؛ ليذر هجوه، والظالم؛ كي لا يمنع حقه، أو لا يأخذ منه أكثر من الذي أعطاه؛ فإن في مثل ذلك يأثم الآخذ دون المعطي، وسنذكر ذلك في كتاب الأقضية.
فإن قيل: قد روى مسلم عن رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كسب