للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صححه النواوي في "الروضة" ولا يجري في كسب الختان؛ لأنه يزيد على الحجام بمباشرة العورة.

ومنهم من قال: لدناءة الحجام عند الناس، قاله الماوردي، وهذا هو الظاهر من مذهب الشافعي؛ لأنه جعل من المكاسب دنياً وحسناً، ولم يورد في "المذهب" و"التهذيب" سواه، وعلى هذا تتعدى الكراهة مع من ذكرنا ثم إلى المكاسب الدنيئة: كالسماك، والحلاق، والقيم في الحمام.

واختلف على هذا في كسب الحمامي على وجهين:

أحدهما: أنه دنيء؛ لأنه يشاهد العورات، ويكسب بجزاء [من غير] مقدر.

والثاني: لا يكره؛ لأنه لا يباشر عملاً، ويمكنه غض طرفه عن العورات، وأيضاً: فليس هو مكتسب بمباشرتها.

والدباغ يلحق عند الماوردي بالسماك؛ فيكون في كراهية كسبه وجهان.

و [يلحق] عند القاضي أبي الطيب وابن الصباغ والشيخ بالحجام.

والحائط يلحق عند صاحب "الإفصاح" بالحمامي، وصحح النواوي في "الروضة" عدم كراهية كسبه.

والصنائع الدنية محل الكلام فيها كتاب الشهادات، فليطلب منه، ولا يخفى تخريج صورها عن المأخذين في الكراهة هاهنا.

وقد قال الغزالي: لعل السبب في كراهة كسب الحجام والفاصد: أن الحجامة والفصد جرح يفسد البنية، وهو حرام في الأصل، وإنما يباح بتوهم المنفعة، وذلك مشكوك فيه، ويطرد هذا في أجرة من يقطع يداً متآكلة؛ لاستبقاء النفس، ولا يطرد في أجرة الجلاد الذي يقطع في السرقة.

قلت: [و] قد يقال: إن مساق ما ذكره يفهم كراهة نفس تعاطي الفصد والحجامة، وإن لم تكن بأجرة؛ لما ذكره، لكن القاضي الحسين قد صرح بأن ذلك مباح، وإنما الكراهة في أكل الأجرة.

أما العبد فلا يكره له أكله، سواء اكتسبه حر أو عبد؛ إذ لو كره، لكره للسادة إطعامه

<<  <  ج: ص:  >  >>