القاضي الحسين صحته، وهو أن له فيه غرضاً صحيحاً، وهو أن يثاب على القربة إذا فعلها، لو لم تكن منذورة، فإذا نذرها صارت متجهة عليه، فإذا فعلها يثاب ثواب المفترض، وثواب الفترض يزيد على ثواب المتنفل بسبعين درجة.
وفي "الحاوي": أن الحديث يدل على أن ما ينتدبه الشخص من البر أفضل مما يلزمه بالنذر.
قال: ولا يصح النذر إلا من مسلم، لأنه معنى وضع لإيجاب القربة؛ فلم يصح من الكافر؛ كالإحرام بالحج.
قال: بالغ عاقل؛ للخبر المشهور، ولأنه إيجاب حق بالقول؛ فلم يصح من الصبي والمجنون؛ كضمان المال.
وقيل: يصح من الكافر [أي]: ويلزمه الوفاء به إذا أسلم؛ لما روى مسلم والبخاري عن عمر- وهو ابن الخطاب، رضي الله عنه-[أنه] قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية: أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوف بنذرك".
وقد وقع في الصحيح- أيضاً-: "أن أعتكف يوماً".
والمذهب الأول، والخبر محمول على الاستحباب؛ لأنه لا يحسن أن يترك بسبب الإسلام ما عزم عليه في الكفر من خصال الخير.
قال الشيخ مجلي: ويمكن بناء الخلاف على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟
قلت: وفي البناء نظر من وجهين:
أحدهما: أنه يتقضي أن يكون الصحيح الصحة؛ لأن الصحيح أنهم مخاطبون بها.
والثاني: أن القائل بأنهم مخاطبون بالفروع، قائل بعدم المخاطبة بالأداء بعد الإسلام.