للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقائل بصحة النذر هاهنا قائل بلزوم الوفاء بالنذر بعد الإسلام؛ عملاً بظاهر الخبر.

تنبيه: كلام الشيخ يقتضي أنه لا فرق في صحة النذر من المسلم البالغ العاقل بين أن يكون محجوراً عليه؛ لسفه أو فلس أو رق، أو لا ولا شك في ذل كفي السفيه والمفلس؛ إذا كان المنذور غير مال: كالصلاة والصوم، وإن كان مالاً فلا يصح من السفيه، ويصح من المفلس؛ إذا كان في الذمة، ويؤديه بعد البراءة من حقوق الغرماء، وإن كان معيناً قال في "التتمة": فيبنى على أنه لو أعتق أو وهب: هل يصح تصرفه موقوفاً أم لا؟ فإن قلنا: يصح موقوفاً، فكذلك نذره، [وإلا فلا.

وقال فيما إذا نذر المفلس عتق المرهون إن قلنا بصحة عتقه صح نذره] وإلا فهو كما لو نذر عتق عبد غير مملوك، وسنذكره.

وأما العبد فيظهر أن يقال: صحة نذره في الذمة المال كضمانه، وفي العين التي يملكها على القول القديم لا يصح كالعتق والصدقة، ونذره للحج في انعقاده وجهان سبق ذكرهما؛ أصحهما الانعقاد كالسفيه.

وعلى هذا لو أتى به في حال الرق، فثلاثة أوجه؛ ثالثها: إن كان الأداء بإذن السيد أجزأه، وإلا فلا.

وغير الحج يشبه أن يكون كالحج في انعقاد النذر به.

قال: ولا يصح النذر إلا في قربة، أما صحته في القربة وعدم صحته في المعصية؛ فدليله خبر عائشة السابق.

وقد روى مسلم وغيره في حديث طويل أنه- عليه السلام- قال: "لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".

وأما عدم صحته في المباح؛ فدليله ما روى أبو داود عن ابن عباس قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذ هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، قالوا: هذا أبو إسرائيل، نذر أن يقوم، ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، قال: "مروه فليتكلم، وليقعد، وليتم صومه"، وأخرجه البخاري وغيره.

وأبو إسرائيل هذا اسمه: قيصر العامري، وليس من الصحابة من يشاركه في اسمه ولا كنيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>