للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام: إن فروض الكفايات التي يحتاج في أدائها إلى بذل مال أو معاناة مشقة: كالجهاد، وتجهيز الموتى- من ذلك.

ثم قال: ولا أعرف خلافاً في لزوم الجهاد بالنذر كما حكيته عن صاحب التلخيص، وحكى الخلاف في لزوم الصلاة على الجنازة بالنذر، وكذا في الأمر بالمعروف، وما ليس فيه بذل مال وكبير مشقة من فروض الكفايات، والأظهر اللزوم.

لكن ما ادعاه في نذر الجهاد غير مسلم؛ فإن العبادي في "الرقم" حكى وجهاً عن القفال: أنه إذا نذر أن يجاهد لا يلزمه شيء.

وقد ادعى الغزالي في "الوسيط" في الباب الثاني في كيفية الجهاد من كتاب السير في المسألة الخامسة-: أنه الصحيح.

ومن المختلف فيه نذر تطويل القراءة، والركوع، والسجود في الفرائض، أو إقامة بعض الرواتب، أو أن يقرأ في صلاة الصبح سورة كذا، أو أن يصلي الفرائض بالجماعة، أو في المسجد- كما قاله في "الوسيط"- أو ألا يفطر في السفر في رمضان.

والمنسوب إلى عامة الأصحاب في الأخيرة، وبه جزم الغزالي-: أنه لا ينعقد نذره، وله أن يفطر إن شاء؛ لأن في إلزام ذلك إبطال رخصة الشرع.

والمختار عند البغوي وشيخه الصحة أيضاً، لكنه يشكل بما إذا وجب عليه كفارة يمين، فنذر تعيين إحدى الخصال؛ فإن القاضي جزم في كتاب الأيمان بعدم اللزوم؛ لأن فيه تغيير إيجاب الله تعالى.

وقد ألحق بنذر الصوم في السفر إتمام الصلاة في السفر؛ إذا قلنا: الإتمام أفضل، وما لو نذر أن يقوم في السنن ولا يقعد فيها، ويديم غسل الرجلين، ويستوعب الرأس بالمسح في الوضوء، ويغسل الأعضاء ثلاثُا ثلاثاً في الوضوء والغسل، وأن يسجد للتلاوة، أو الشكر عند ما يقتضي السجود.

وذكر الإمام على مساق وجه المنع: أنه إذا نذر المريض أن يقوم في الصلاة، ويتكلف المشقة- لم يلزمه الوفاء، وأنه لو نذر صوماً وشرط ألا يفطر بالمرض- لم يلزمه الوفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>