وتحصين الفرج- فإنه يكون قربة، قال: ويكون واجباً في أصح الوجهين يعني الآتيين فيما إذا نذر شيئاً، ولم يعلقه على شيء.
وإن قصد به الاستمتاع والتلذذ، كان مباحاً، لا يجب على الوجهين.
قال: ثم على قياس هذا في نظائره، يعني: كالأكل؛ إذا قصد به التقوية على العبادة، والنوم؛ إذا قصد به طرد الغفوة؛ حتى إذا نسك في جوف الليل، كان صاحي القلب، منتفض النفس؛ فيلزم بالنذر.
وقد ادعى الإمام في هاتين الصورتين ونظائرهما: أنه لا خلاف في عدم لزومهما بالنذر.
وحكى عن شيخه والمتقدمين: أنهم قالوا: إنما يلزم بالنذر ما له أصل في الوجوب الشرعي: كالصلاة، والصدقة، والحج ويوافقه قول القاضي الحسين.
ويحتمل أن يقال: كل ما له مثل في الشرع، فينعقد نذره، وإلا فلا، وأنه مستنبط من قول الشافعي فيما لو نذر المشي إلى المسجد الأقصى قال: لا ينعقد في قول، وفرق بينه وبين المسجد الحرام؛ وعلى هذا لا يلزم بالنذر عيادة المرضى، وزيارة القادمين، وإفشاء السلام على المؤمنين، وتجديد الوضوء؛ كما صرح بحكايته عن الشيخ أبي محمد، ويوافقة قول من حد النذر بأنه التزام قربة مقصودة غير لازمة بأصل الشرع؛ لأن العبادة المقصودة هي التي وضعت للتقرب بها، وعرف من الشارع الاهتمام بتكليف الخلق باتباعها عبادة، والأظهر الأول.
قال المتولي تبعاً للقاضي: والخلاف ينبني على أن مطلق النذر يحمل على أقل ما يتقرب به أو على أقل ما يجب في الشرع من جنس الملتزم، وسيأتي هذا الأصل، إن شاء الله تعالى.
ومما ذكرناه يظهر لك ما هو متفق عليه وما هو مختلف فيه، ولنذكر من ذلك نبذة:
فمن المتفق عليه: نذر الصلاة، والصدقة، والصوم، والحج، وكذا الاعتكاف.
قال الأصحاب: لأن له أصلاً ثابتاً في الشرع، وهو الوقوف بـ"عرفة"؛ لأنه لبث بمكان مخصوص.
وفيه نظر يظهر لك من كلام القاضي الذي سنذكره فيما إذا نذر شيئاً، ولم يعلقه على شيء.