وقد رأى الإمام أن يلحق قوله:"نذرت لله أن أدخل الدار"، ونحوه بالكناية في اليمين، فرجع إلى نيته وقصده؛ فإن إلحاق ذلك بالأيمان مطلقاً لا وجه له، والخبر الأول فيه احتمال، وهو متردد بين الغلق والتبرر.
قال: ويصح النذر بالقول، مثل أن يقول:"لله علي كذا"، أو:"علي كذا"، أي: وإن لم يضفه إلى الله تعالى. [أما في الأولى فبالاتفاق، وأما في الثانية، فلأن القربة لا تكون إلا لله تعالى].
وحكى القاضي الحسين- ومن بعده- وجهاً آخر: أنه لا يكون نذراً، والأول هو الأصح في "النهاية"، وهما جاريان- كما قال مجلي- فيما إذا أتى بلفظ يقتضي إلزاماً؛ كقوله:"يلزمني"، أو: ["لازم لي"] أو: "ألزمت نفسي" أو: "أوجبت عليها"، ونحو ذلك.
قال الرافعي: وهو قريب من الخلاف في أنه: هل يجب في نية الصلاة والصوم الإضافة إلى الله تعالى؟
ومحل الخلاف- كما حكاه الإمام عن القاضي- فيما إذا كان النذر معلقاً على شيء، أما إذا قال:"علي عتق رقبة"، واقتصر على هذا، فلا يلزمه مذهباً واحداً.
قال الإمام: ولا وجه للقطع الذي ذكره؛ فإن النذر المطلق إذا جعلناه ملتزماً بمثابة النذر المعلق على الشرط عند وجوده، فإذا جرى الخلاف في النذر المعلق؛ وجب – لا محالة- إجراء مثله في النذر المطلق.
قال: وقيل: يصح بالنية وحدها؛ لأن اعتماد القربات على النية؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
وهذا يشبه أن يكون من تخريج ابن سريج، وإن لم أقف عليه منقولاً؛ لأن الشافعي نص في الجديد على أن الصالح للأضحية والهدي لا يصير أضحية وهدياً بمجرد النية، بل لابد من القول وهو أن يقول:"جعلته أضحية"ـ، ونحوه كما تقدم، ووجهه بأن ذلك إزالة ملك على وجه القربة، يصح بالقول؛ فلم يصح بدونه مع القدرة عليه؛ كالوقف والعتق.
ونص في القديم- كما حكاه أبو الطيب- على أنه يصير كذلك إذا قلده وأشعره،